العرب الذين هاجروا إلى الغرب نوعان، الذين ذهبوا في أواخر القرن التاسع عشر صنعوا أشياء عظيمة، فمنهم من تبوأ مناصب سياسية مهمة، ومنهم من جاء لنا بأدب المهجر، أما معظم الذين هاجروا حديثا إلى الغرب، فلم يأتوا لنا بأكثر من زوجات شقراوات، يتأبطونهن في المطار. فحتى بعض الذين دخلوا معترك الحياة السياسية حديثا هناك، بعد حصولهم على الجنسية الغربية، أصابونا بخيبة، وخرجوا من مناصبهم بفضيحة. وأكثر ما يؤلم هو احتفاظ بعض العرب المهاجرين بالعقلية الاستخباراتية التي تربوا عليها في بلادهم، فيظل أحدهم يمارس دور المخبر على زملائه المغتربين المثقفين الذين ''طفشوا'' من بلادهم تاركين الجمل بما حمل لسلطاتهم، ليفاجأوا هناك بعيون صفراء تتربص بهم وترصد تحركاتهم، بل سمعت مرة في إحدى حلقات برنامج ''الاتجاه المعاكس'' أن بعض المخبرين هناك ينبشون حاويات القمامة أمام بيوت بعض النشطاء، بحثا عما قد يعثرون عليه من أوراق. ولأن استخدام التكنولوجيا في الغرب أسهل من استخدامها في بلادهم، فهم يبنون مفارزهم الأمنية في مواقع التواصل الاجتماعي، ويتحوّلون إلى مصدر ترهيب لأصحاب الأقلام الواعية التي تكتب بحرية وموضوعية، وقد يهدّدونهم بعدم عودتهم إلى أوطانهم. وعدا المغتربين العرب المخلصين لمبادئهم وأخلاقيات الأوطان التي خرجوا منها، ممن حققوا تفوّقا معروفا، فإن الآخرين تحوّلوا إما إلى مخبرين على زملائهم، وإما سكارى في الحانات. جيد أننا وجدنا أخيرا شيئا نصدره للغرب.. حتى ولو كان على سبيل عقول أمنية!