لو تعلم بعض أجهزة الاستخبارات العربية بكل ما يدور في ''دهاليز'' الإيميلات ومواقع التواصل الاجتماعي، من تعليقات سياسية وتهكم على بعض السياسيين، لشدّت شعرها من الغيظ، وللطمت على خدودها بسبب أن فرصة السيطرة على هذه الرسائل مستحيلة، وبأن مؤلف هذه الإيميلات أفلت، ليس فقط من رقابتها، بل ومن إمكانية حشره داخل إطار سيارة ودحرجته في رحلة قصيرة من هذا الجدار إلى ذاك الجدار، في الزنزانة، بعد ذلك سيخرج الرجل، وفي اعتقاده أن الأنترنت هو نوع من أنواع البيتزا!. النكتة العربية هي التي أسقطت الأنظمة في الثورات العربية، أكثر مما أسقطها عمل المعارضة والأحزاب. ولدي مبرر في ذلك، فالنكتة ساهمت أولا في كسر هيبة الأنظمة، وخلخلت قدسيتها، ثم جاء العمل الساسي بعد ذلك لينقض على الأنظمة فيسقطها. هذه التعليقات السياسية الطريفة تكاد لا تستثني أحدا، وكان الناس في السابق يتناقلونها همسا، قبل أن يوفر لهم بيل غيتس وصحبه من صناع التكنولوجيا الحديثة ملاذا آمنا، حيث تؤدي صفحات الأنترنت، اليوم، الدور الذي كانت تؤديه الجدران في الماضي، حين كانت تحمل شعارات دونها أشخاص سرا تحت جنح الظلام، وهم يعرفون أنه لو قبض عليهم، فسيمضون حياتهم كلها في ظلام، واللون الأبيض الوحيد الذي يرونه هو أسنان السجان.