تحدى مئات السياح الغربيين نصائح أمنية متكررة لوزارات الخارجية للدول التي ينحدرون منها، وشاركوا في ''مهرجان الصحاري'' الذي يقام سنويا في تمبكتو المالية. ورغم تردي الوضع الأمني في منطقة شمال مالي، إلا أن السلطات في باماكو رحبت بتواجد أكثر من ثلاثة آلاف أجنبي ووفرت لهم بعض الحماية الأمنية أثبتت النصائح المتكررة الصادرة عن دوائر رسمية غربية لرعاياها بتفادي وجهة منطقة الساحل، فشلها في ''ردع'' الوجهة السياحية لآلاف الرعايا الغربيين عن التواجد في منطقة تنعت ب''اللون الأحمر'' في معظم بيانات التحذير في وزارات خارجية فرنسا وبريطانيا والولايات المتحدةالأمريكية وإسبانيا ودول أوروبية أخرى، بسبب ما تسميه خطر الاختطاف الذي تقوم به القاعدة في الساحل. ونقلت وكالة (فرانس برس) من تمبكتو، حضور أكثر من ثلاثة آلاف سائح أجنبي بينهم أفارقة، وأيضا فرنسيون وبريطانيون وأمريكيون. ويكشف التقرير لجوء بعض السياح لدخول التراب المالي سرا، دون علم سلطات بلدانهم الأصلية، ومنهم من استعمل طائرات خاصة من بريطانيا مباشرة إلى مالي. وفسر الكثير من السياح تواجدهم في المنطقة بولعهم بجمال المنطقة الصحراوية، معتبرين أن تهديد ''القاعدة ببلاد المغرب الإسلامي'' لا يعتبر رادعا أمام وجهتهم السنوية (مهرجان الصحاري) الذي يقام في شهر جانفي من كل عام. وأقيم الاحتفال وسط كثبان رملية ليلة الجمعة إلى السبت، في حضور أحد أشهر مغني فرقة ''يو ''2 العالمية، ما أعطى صخبا للمهرجان، وعكس النوايا الصريحة للسلطات المالية في تنشيط الوجهة السياحية رغم تهديدات ''القاعدة'' المستمرة. وتحتفظ الخارجية الفرنسية، منذ شهر نوفمبر الماضي، بتحذيرها لمواطنيها بعدم زيارة المنطقة التي احتضنت المهرجان، وهي منطقة يشملها اللون الأحمر على موقع الوزارة الإلكتروني، بعد أن أضيفت همبوري، حيث خطف فرنسيان قبل ثلاثة أشهر. وتعتبر الخارجية الفرنسية كل شمال شرق مالي بمثابة ''منطقة حمراء''. ويبقى جنوب غرب البلاد، حيث تقع العاصمة باماكو، في نطاق ''منطقة برتقالية'' التي ''يتم حظر زيارتها على المسافرين إلا لأسباب ملزمة'''. كما تحتفظ الخارجية البريطانية بتحذير لرعاياها بعدم السفر إلى المحافظات الشمالية من مالي، بسبب تزايد تهديد خطف الرهائن. ويشمل التحذير السفر في جميع الحالات إلى محافظات كيدال وغاو وكوليكورو وتمبكتو وسيغو والمناطق المتاخمة لموريتانيا. حيث تعتبر بريطانيا أن هناك تهديدا مرتفعا للإرهاب في مالي. ويسري التحذير منذ مقتل رهينة بريطاني رفضت بلاده دفع فدية مقابل الإفراج عنه. وكانت الخارجية البريطانية قد رافقت مهرجان الصحاري في تمبكتو في نسخته من العام الماضي، بتحذير من تهديد بخطف الغربيين الذين يحضرون المهرجانات في مالي. وذكرت الوزارة البريطانية بأن السياسة التي تتبناها حكومة بلادهم منذ فترة طويلة تمنع تقديم تنازلات جوهرية لمحتجزي الرهائن، لأن الحكومة البريطانية ترى أن دفع فدية للإفراج عن المختطفين يزيد خطر اختطاف المزيد من الرهائن. وتقع السلطات المالية حاليا بين معادلة جلب السياح الغربيين، وفي نفس الوقت مجابهة مخاطر خطفهم، وقد أعلن وزير الأمن المالي، سجدو غساما، يوم الجمعة الماضي، بشأن أمن السياح الحاضرين في المهرجان، أنه أمر بتوفير ''كتيبتين من الدرك (في منطقة تمبكتو).. وأنا مطمئن أن المهرجان الثقافي في الصحراء سيجرى بمشاركة سائحين أجانب نضمن سلامتهم''. وكشف في نفس التصريح أن حكومة مالي ''أجرت اتصالات'' للتفاوض من أجل الإفراج عن خمسة أوروبيين خطفهم، أواخر نوفمبر، في شمال مالي، تنظيم ''القاعدة''. وأضاف أن ''الحكومة ستستخدم كل الوسائل الضرورية لتأمين سلامة الممتلكات والأشخاص في شمال مالي. وحضور الدولة سيزداد''.