أشار سفير الولاياتالمتحدةبالجزائر، هنري إنشر، الذي نزل ضيفا على ركن فطور الصباح بجريدة ''الخبر''، أن الولاياتالمتحدة أخطأت التقدير في بعض المناطق حينما اعتمدت على أنظمة ديكتاتورية لضمان الاستقرار. كما أشار إلى أن الأمريكيين ليست لديهم معرفة كبيرة بالجزائر وبالواقع الاقتصادي السائد حاليا. مشددا على أن الإدارة الأمريكية تتعامل مع الأنظمة التي تفرزها صناديق الاقتراع بصورة ديمقراطية حتى ولو كانت أحزابا إسلامية. إنشر لا يرى مانعا في التوسط بين الجزائر والمغرب ويصرح ''كثير من الجزائريين يؤيدون أفكار الإسلاميين وهو شيء عادي'' صرّح سفير الولاياتالمتحدةالأمريكيةبالجزائر، هنري إنشر، أن الحكومة الأمريكية مستعدة للتوسط بين الجزائر والمغرب لحل خلافاتهما إذا طلب منها ذلك. ويرى بشأن الانتخابات التشريعية المقبلة، أن الأحزاب الجديدة التي اعتمدت لا تملك الوقت الكافي للتعريف بنفسها وبمشاريعها. تؤيد الولاياتالمتحدةالأمريكية، حسب سفيرها بالجزائر، أي جهود تقود إلى فتح الحدود بين الجزائر والمغرب وحل خلافاتهما. ولا يبدي هنري إنشر رأيا في الإلحاح المغربي على العودة إلى ما قبل صيف 1994، ولا على التحفظ الجزائري إزاء مطلب فتح الحدود. ويفضل القول بأن الولاياتالمتحدة ''تؤيد جهود الأصدقاء لحل المشاكل بينهم، ونحن نرى أن هناك إمكانيات كبيرة للتكامل الاقتصادي بالمنطقة. أما التفاصيل الدبلوماسية والسياسية التي تجري بين بلدان المنطقة، فنفضّل ألا نتدخّل فيها''. وحول احتمال أن تتوسط الحكومة الأمريكية بين الجزائر والمغرب لحل خلافاتهما، قال هنري إنشر إن الأمريكيين يوافقون على ذلك إذا جاءهم طلب وساطة. للإشارة، فقد جرى من قبل حديث عن وساطة سعودية غير معلنة بشكل رسمي، وتم تكذيب ذلك مغربيا وجزائريا، على أساس أن العاصمتين تربط بينهما علاقات دبلوماسية ولا تحتاجان إلى وسيط للتقريب بينهما. وبخصوص الإصلاحات السياسية التي بلورها الرئيس عبد العزيز بوتفليقة في شكل قوانين معدّلة، قال إنشر إنها ''خطوة إيجابية نؤيدها، ولكن ينبغي التأكد بأنها تستجيب لطموحات الجزائريين''. واعتبر القوانين الستة التي أدخلت عليها تحويرات، ''مهمة في العملية الإصلاحية الجارية، غير أنه من السابق لأوانه الحكم عليها إيجابا أو سلبا قبل رؤية النتائج بعد التنفيذ. وأعتقد بأن الانتخابات المقبلة محطة تضع هذه القوانين على المحك''. وحول احتمال صعود قوي للإسلاميين بمناسبة الانتخابات التشريعية لشهر ماي المقبل، قال إنشر أن الاقتراع التعددي المرتقب هو وحده من يحدد حجم الأحزاب المشاركة فيه. مشيرا إلى أن ''الأحزاب القديمة تبدو جاهزة لخوض المنافسة، عكس الأحزاب الجديدة التي لا أعرف عنها الشيء الكثير. لكن من الواضح أنها لا تملك الوقت الكافي للتعريف بنفسها قبل الانتخابات''. وأوضح إنشر بأنه ''يستحيل على أي أحد التنبؤ بنتائج الانتخابات، مثلما كان مستحيلا تخيّل الخارطات السياسية التي أفرزتها الانتخابات في بلدان مجاورة''. وأفرز الاتصال الذي يجريه السفير مع الجزائريين، في إطار مهامه الدبلوماسية، معاينة مفادها أن أهوال التسعينات خلّفت رواسب في نفسياتهم، وبالتالي فهم يرفضون أن يعيشوا ظروفا مشابهة. ورغم ذلك، يقول إنشر، ''كثير من الجزائريين يؤيدون أفكار الإسلاميين وهذا شيء عادي لأن الإسلاميين جزء من المجتمع''. وأفاد السفير بأن الولاياتالمتحدة ''تشجّع المشاركة في الانتخابات إذا توفر نظام ديمقراطي، أما إذا كانت المشاركة ضعيفة فسينعكس ذلك على الحكومة''، بمعنى أن الطاقم الحكومي الذي سيتمخض عن الانتخابات سيكون منقوص مصداقية. وفي حال انتهى الاستحقاق إلى أغلبية إسلامية، فستتعامل الولاياتالمتحدة مع الوضع كما هو، حسب إنشر الذي أضاف: ''ليس لدينا أية مشكلة إيديولوجية دينية مع أي كان، لكن من المهم أن لا يستخدم أي حزب العنف والقوة للوصول إلى الحكم''. ''تعامُلنا مع الثورات العربية يختلف باختلاف مصلحتنا في كل دولة'' ''مصالحنا في ليبيا تختلف عن مصالحنا في البحرين'' تحدّث سفير الولاياتالمتحدة في الجزائر، هنري إنشر، خلال نزوله ضيفا على ''الخبر'' عن الشأن الدولي والأحداث التي تشهدها المنطقة العربية. مؤكدا أن موقف البيت الأبيض إزاءها تحكمه في المقام الأول مصالح أمريكا. مشيرا أنه بالرغم من الترحيب بشكل عام بالثورات، إلاّ أن المواقف الميدانية اختلفت وفقا لمصلحة الولاياتالمتحدة في كل دولة. وأوضح ضيف ''الخبر'' أنه لطالما رحّبت أمريكا برغبة الشعوب في الحرية والديمقراطية. مضيفا أن هناك فروق تكتيكية لموقف البيت الأبيض إزاء أية ثورة. معتبرا أن مصلحة أمريكا في سوريا ليست نفسها في البحرين أو السعودية أو حتى ليبيا، وهو المنطلق الذي يرى فيه السفير الأمريكي احتراما للشعب الأمريكي الذي انتخب مسؤولين لحماية مصالحهم قبل كل شيء. وبخصوص تفاعل الولاياتالمتحدة مع هذه الثورات، أكد إنشر أن الإدارة الأمريكية أخطأت حين اعتقدت أن الاعتماد على قادة ديكتاتوريين في المنطقة العربية يضمن لها الاستقرار والحفاظ على مصالحها، في إشارة إلى أن ترحيب أمريكا التعامل مع التيارات الإسلامية دليل على احترام رغبة الشعوب العربية وتصحيح لموقفها. مشيرا أن الإدارة الأمريكية ترحّب بالتعامل مع أي حزب أو تيار يصل إلى السلطة عن طريق الانتخابات، وأن الرفض يكون فقط في وجه من يدعو أو يستعمل العنف. موضحا أن صعود الإسلاميين في الدول العربية التي شهدت ثورات نابع من صميم الثقافة الموجودة في هذه الدول. مشيرا أنها فرصة مناسبة للأحزاب الإسلامية أن تبرهن على وجودها، خاصة وأنها ستجد نفسها أمام انتخابات أخرى وعليها أن تحسن الأداء ليعاد انتخابها. وبخصوص إمكانية احتكام البرلمان المصري ذي الغالبية الإسلامية في إعادة النظر في اتفاقية ''كامب ديفيد'' قال السفير أن ''الأمر لم يعرض لحد الآن. ولكن لو حدث، فإن أمريكا ستتخذ ما يلزم لحماية مصالحها''. مشيرا أن البيت الأبيض يحترم قرار البرلمان المصري الذي يعبّر عن اختيار الشعب، لكن على أمريكا أن تحمي مصلحة شعبها أينما كانت. وفي سياق متصل أكد المتحدث أن علاقات واشنطن تحكمها المصلحة في المقام الأول ووجود الديمقراطية. معتبرا أنه عكس ما يعتقد الكثيرون، فإن أفضل العلاقات الأمريكية قائمة مع دول تحترم الديمقراطية. وأن العلاقة مع بعض دول الخليج مثل السعودية وقطر تقوم على أساس المصلحة ولا تشمل كل المجالات، مثلما هو الحال مع دول تحترم الديمقراطية. قال ضيف ''الخبر'' ''الأمريكيون لا يعرفون الكثير عن الجزائر ويجهلون واقعها الاقتصادي'' اعتبر سفير الولاياتالمتحدةبالجزائر، السيد هنري إنشر، أن الأمريكيين عموما والعديد من المتعاملين الاقتصاديين لايعرفون الكثير عن الجزائر ويجهلون واقعها الاقتصادي. مشيرا أن مهمة التعريف عن النفس تقع على عاتق الجانب الجزائري، خاصة وأن هناك رغبة أمريكية في توسيع وتعميق التعاون التجاري والاقتصادي. وثمّن إنشر تصنيف الولاياتالمتحدة لسنتين متتاليتين كأهم زبون للجزائر تجاريا. مشيرا ''لقد زرت الشركات الأمريكية العاملة في الجزائر منها تلك التي تنشط في الجنوب وحضورها نموذج للعلاقات القائمة بين الجانبين. نحن نريد توسيع نطاق العلاقات التجارية والاقتصادية التي لا تقتصر على المحروقات فحسب، لأن هناك فرص أخرى وإمكانات متاحة''. وعبّر السفير عن أسفه لتواضع المبادلات خارج المحروقات. مشيرا ''الأمريكيون لا يعرفون الجزائر ولا إمكاناتها الاقتصادية، رغم أنني ألمس رغبة قوية في الاتصال والتعامل تجاريا واقتصاديا. وأعتقد أن الجزائريين لديهم مسؤولية في التعريف عن أنفسهم وعن الفرص المتاحة، فهناك منافسة شديدة في إطار العلاقات بين الولاياتالمتحدة والبلدان الأخرى. وعلى أي بلد أن يقدّم الصورة التي تعكس سمعته، فهناك دول الجوار قدموا صورة عنهم وهي حاضرة لدى الأمريكيين، بينما صورة الجزائر غائبة في السوق في الولاياتالمتحدة والأمريكيون لا يعرفون إمكانات الجزائر الاقتصادية. ولاحظ إنشر ''لدى الأمريكيين صورة قديمة وغير صحيحة عن الجزائر تتمثل في وضع خطير وغير مستقر من الناحية الأمنية وهم غير مقتنعين بأن الوضع تحسن، لذا هم يركّزون على بلدان أخرى، كما يرون بأن الوضع الاقتصادي صعب ومعقّد أكثر من مناطق أخرى وإذا أتيحت لهم فرص أخرى، فإنهم يتوجهون إليها. ''التسيير الاقتصادي الاشتراكي لا يزال قائما في الجزائر'' أشار السفير الأمريكي بالجزائر، أن النظام الاشتراكي كنمط تسيير وكإرث لا يزال موجودا في بعض جوانب التسيير الاقتصادي والسوق في الجزائر. ولاحظ إنشر أن هناك تدابير لا يستوعبها المستثمر ولا يفهم جدواها بالضرورة، كما أنه لا يفهم الفائدة من ورائها. مشيرا ''لدى الأمريكيين مفهوم خاص عن الدولة هو أنها موجودة لسبب واحد هو حماية حقوق المواطنين. وبالتالي، فإن مفاهيم ''الدولاتية'' غير موجودة في الولاياتالمتحدة وهي تثير قلقا لدى أوساط الأعمال، إذ نعتقد أن دور الدولة هو تشجيع حرية المبادرة، خاصة وأننا نرى أن الجزائريين كأفراد لهم قدرات كبيرة تؤهلهم الى المستوى العالمي وبإمكانهم المنافسة دون الحاجة لإقرار الحماية. ومع ذلك، أشار السفير أن هناك تقدما ملحوظا خلال السنوات العشر الماضية ''لقد عملت سابقا كمستشار للشؤون السياسية وحينها لم يكن هناك وجود كبير للمؤسسات الأمريكية ولكن تغيّر الأمر حاليا مقارنة بالسابق ولكنه يظل قليلا مقارنة بالإمكانات المتاحة في السوق. ونهتم بالخصوص بتطوير عدد من القطاعات مثل التعليم وصناعة الأدوية والتنمية الزراعية. وعن مناخ الأعمال، اعتبر إنشر أن قاعدة 51 و49 بالمائة لا تمثل مبدئيا عائقا، لأن المستثمر الأمريكي قادر على التأقلم مع الوضع ويفهمون ذلك وإن فضلوا ملكية كاملة، ولكنهم لا يفهمون أمورا أخرى مثل عدم إمكانية استخدام بطاقات الائتمان مثلا لحد الآن. ''لا مانع في منح الحصانة للأسد كجزء من صفقة لتفادي الحرب الأهلية'' قال السفير الأمريكي، هنري إنشر، أن تطورات الوضع في سوريا بلغت درجة من التعقيد. موضحا أن الفيتو الروسي والصيني ''ليس النهاية، بل على العكس بداية العمل لإيجاد مخرج للأزمة السورية وتنحي الرئيس''. وأشار إنشر أن الأولوية تكمن في التفاوض مع المعارضة في الداخل والخارج، مضيفا عدم تفهمه للموقف الروسي. من جانب آخر، وفي رده عن سؤال بخصوص الاستياء من الفيتو الروسي في الوقت الذي لا تمانع الولاياتالمتحدة في استعمال حقها في النقض كلما تعلق الأمر بإدانة العنف الممارس من طرف إسرائيل ضد الفلسطينيين، أكد السفير أنه ''لا يمكن المقارنة، لأن في فلسطين ليست هناك اشتباكات مباشرة، كما أن هناك مفاوضات بين الطرفين، على عكس ما يحدث في سوريا من تقتيل للشعب من طرف النظام''. واعتبر إنشر أن المخرج من الأزمة السورية يتطلب العمل على توحيد المواقف الدولية. موضحا أن المشاورات مستمرة في هذا الاتجاه. واعتبر أن الحديث عن إمكانية ضمان خروج آمن للرئيس السوري مقابل وقف العنف وتفادي الحرب الأهلية أمر وارد، على اعتبار أن الأولوية بالنسبة للإدارة الأمريكية تكمن في حماية المدنيين، وبالتالي لا ضرر من التوصل إلى منح الحصانة كجزء من صفقة لضمان تفادي الحرب الأهلية، على غرار ما حدث مع الرئيس اليمني علي عبد الله صالح بموافقة أمريكية وبالرغم من انتقادات المعارضة والمنظمات المدافعة عن حقوق الإنسان التي تنادي بضرورة محاكمة الرئيس اليمني.