تحوّل قصر الشعب، أمس، إلى مزار لمئات من الجزائريين جاؤوا من ولايات بعيدة لإلقاء النظرة الأخيرة على جثمان أول رئيس للجزائر المستقلة، أحمد بن بلة، الذي توفي عصر الأربعاء عن عمر يناهز 69 عاما، وسيوارى الثرى اليوم بمقبرة العالية بعد صلاة الجمعة. رغم هطول الأمطار والقيود البروتوكولية التي فرضت، توجه مواطنون أغلبهم من كبار السن والمجاهدين والأسرة الثورية ومناضلي الحركة من أجل الديمقراطية الذي أسسه الرئيس الراحل في المنفى، منتصف الثمانينات، إلى قصر الشعب، لأداء واجب العزاء لعائلة الرئيس الراحل وإلقاء النظرة الأخيرة عليه قبل دفنه اليوم الجمعة بمربع الشهداء بمقبرة العالية، التي تحتضن رفقاء الرئيس الراحل من قادة الثورة الذين رحلوا قبله. وسمح للمواطنين بإلقاء النظرة الأخيرة على الراحل أحمد بن بلة، في حدود الساعة الواحدة بعد مغادرة الرسميين يتقدمهم الرئيس عبد العزيز بوتفليقة وكبار مسؤولي الدولة والجيش، الذين رافقوا جثمانه منذ خروجه من بيته في حيدرة إلى قصر الشعب للترحم عليه والتوقيع في سجل التعازي. وغادرت خليدة تومي برفقة زهرة ظريف بيطاط، بينما تجمّع مجموعة من الوزراء حول المجاهد الطاهر الزبيري الذي كان من المساهمين البارزين في الإطاحة بالرئيس الأسبق في 19 جوان 1965، كما توقف عنده وزير الطاقة يوسف يوسفي الذي ذكر قائد أركان الجيش الأسبق بتجنيده في سنة 1962 لضمان الأمن في باتنة وكان شابا يافعا حينها. وبسبب الطبيعة الرسمية للجنازة، لم يسمح إلا للمصورين من دخول القاعة السفلية التي سجي الجثمان فيها، واكتفى الصحفيون في الخارج بإلقاء نظرة بين الفينة والأخرى، أملا في التسلل إلى القاعة التي كانت تبعث منها آيات من الذكر الحكيم، لكن الحرس الرئاسي منعوهم من ذلك. وما إن خرج المجاهد أحمد محساس لأخذ قسط من الراحة في الحديقة الخلفية للقصر برفقة محمد بن بلة، ابن شقيق الرئيس الراحل، حتى تجمّع الصحفيون حوله، لكنه اكتفى بكلمات مقتضبة ''أن سي أحمد كان رجلا مثاليا''. وبعد مغادرة الرسميين تركت عائلة الرئيس الراحل القاعة بدورها، وفي لحظة وداع أخرى تقدمت بنته الصغرى إلى جثمانه، حيث رفعت العلم بهدوء ثم قبلت الصندوق الذي كان يحمل الجثمان للحظات طويلة ثم تبعتها شقيقتها ورفضت إعطاء أي تصريحات للصحفيين. وبعد الظهر خفّت الإجراءات الأمنية، بعض الشيء، ودخل مواطنون بسطاء لأول مرة قصر الشعب، وعلى عكس كثيرين من الذين غادروا بعد تقديم واجب العزاء، فضّل ياسف سعدي البقاء في قصر الشعب، رغم المضايقات التي تعرض لها من مجاهدة من العاصمة، احتجت على إهمال دور الشهيد علي لابوانت، أحد أبطال معركة الجزائر. ووصل نائب الوزير الأول يزيد زرهوني متأخرا بثلاث ساعات رفقة وزير التجارة مصطفى بن بادة الذي كان في مهمة بوهران، وغادر وزير الداخلية السابق قصر الشعب بسرعة بعيدا عن أعين الصحفيين. وانتقل ممثلو السلك الدبلوماسي الأجنبي عبر ثلاث حافلات مرفوقين بإطارات في وزارة الخارجية، لكن ممثل الأممالمتحدةبالجزائر وسفراء فنزويلا وتونس فضلوا الانتقال بسيارات البعثة الدبلوماسية، ثم تلاهم الملحقون العسكريون الذين التحقوا على متن حافلة سياحية صغيرة. وقبل ذلك التحق قادة أحزاب سياسية تباعا وهم أبو جرة سلطاني رئيس حركة حمس، ولويزة حنون الأمينة العامة لحزب العمال، وجمال بن عبد السلام رئيس جبهة الجزائرالجديدة. إحدى المواطنات ذكرت أن زوجها عمل لفترة مع الرئيس الراحل، قالت إنه كان رجلا بسيطا ولهذا أغلب من جاء لوداعه من البسطاء. وعند اقتراب ساعة العصر لم يكن عدد المعزين كبيرا، باعتراف روابح محمد الذي قدم نفسه بأنه ''بن بليست'' لأن كثيرا من أبناء الجيل الحالي لا يعرفونه، ''هذه ثمرة تزوير التاريخ، والنتيجة أن الجيل الحالي لا يعرف الرجال الذين ناضلوا من أجل الاستقلال''. الجزائر: جمال. ف شخصيات وطنية وتشكيلات سياسية ومنظمات وطنية تشيد بمناقبه الجزائر فقدت برحيل بن بلة شخصية نادرة ورمزا وطنيا عبّر عدة مسؤولين في الدولة بمعية تشكيلات سياسية ومنظمات وطنية، عن بالغ تأثرها لوفاة أول رئيس للجزائر المستقلة أحمد بن بلة (1962 1965) الذي انتقل، مساء أول أمس، إلى رحمة الله عن عمر ناهز 96 سنة. اعتبر رئيس مجلس الأمة، السيد عبد القادر بن صالح، أن وفاة الرئيس الأسبق أحمد بن بلة لحظة فاجعة انتهت بها رحلة حياة ''أحد كبار الجزائر وعقلائها''. وكتب السيد بن صالح في برقية تعزية بعث بها إلى عائلة الفقيد أحمد بن بلة أن ''الجزائر افتقدت فيه شخصية وطنية نادرة من طراز الزعماء الكبار الذين ساهموا في بناء الدولة الوطنية المستقلة''. واعتبر الوزير الأول السيد أحمد أويحيى، رحيل الرئيس الأسبق أحمد بن بلة، بأنها خسارة كبرى للجزائر خاصة وللعالم العربي والإفريقي عموما وأن بوفاته تفقد الجزائر قلعة من أكبر قلاعها. وفي برقية وجهها لعائلة الفقيد قال الوزير الأول ''لقد تلقيت بمزيد من التأثر وبالغ الأسى والحسرة نبأ رحيل رئيس الجزائر الأول المناضل الكبير والمجاهد العظيم الرئيس أحمد بن بلة رحمه الله، الذي يعتبر رحيله خسارة كبرى للجزائر خاصة وللعالم العربي والإفريقي عموما''. من جهته أكد رئيس المجلس الشعبي الوطني، السيد عبد العزيز زياري، أن الجزائر فقدت برحيل أحمد بن بلة ''مناضلا ومجاهدا من الرعيل الأول ومن الرموز الذين ساهموا في تحرير الجزائر من ربقة الاستعمار''. وأشاد السيد زياري بخصال المرحوم أحمد بن بلة، حيث قال إن ''تاريخ الجزائر المعاصر حفظ بصمات الراحل سواء خلال فترة الكفاح المسلح أو خلال مرحلة بناء الجزائر المستقلة بدءا من إخلاصه لفكرة الجزائر المستقلة''. بدوره تقدم الأمين العام للاتحاد العام للعمال الجزائريين، السيد عبد المجيد سيدي سعيد، باسم العمال الجزائريين بالتعازي الخالصة إلى أسرة المرحوم وكذا إلى العائلة الثورية راجيا من الله أن يسكنه فسيح جنانه. من جانبه اعتبر رئيس حركة مجتمع السلم السيد أبو جرة سلطاني أن الفقيد ''قمة عالية'' في الجزائر كونه أول من ''جلس على كرسي الدولة الجزائرية بعد أزيد من قرن وربع من الاستعمار''، فترك بذلك ''بصمته في قلوب الجزائريين وعاش متسامحا مع الجميع''. وقالت الأمينة العامة لحزب العمال إن الفقيد ''لا يعد جزءا من تاريخ الجزائر فحسب، باعتباره أول رئيس لها، بل يتعدى نضاله النطاق الوطني إلى القارة الإفريقية وأمريكا اللاتينية والبشرية جمعاء''. واعتبر الحزب الوطني للتضامن والتنمية في برقية تعزية، أن الفقيد يبقى في ذاكرة الشعب الجزائري باعتباره ''رمزا للثورة التحريرية المظفرة''، مشيدا بالدور السياسي الذي لعبه إبان الثورة التحريرية. كما تقدم من جهته حزب حركة الوفاق الوطني وجبهة المستقبل وحزب جيل جديد بتعازيهما إلى أسرة الفقيد والأسرة الثورية والشعب الجزائري. الجزائر: ب. ف الرئيس بوتفليقة يوقع على سجل التعازي بقصر الشعب ''بن بلة كان وسيظل واحدا من رموزنا الوطنية البارزة'' وقع رئيس الجمهورية، السيد عبد العزيز بوتفليقة، على سجل التعازي قائلا ''يعز علي أن أخط هذه الكلمات التي تعجز كل العجز عن التعبير عما في نفسي من حرقة أليمة ومحاولا تعزية نفسي والجزائر في مصابنا هذا الجلل في هذا العظيم المرموق من عظمائنا. كيف لا وهو القائد الرمز الذي كان وظل في مقدمة الصفوف المكافحة على الدوام من أجل عزة الجزائر وكرامتها''. وجاء أيضا ''لقد أدمى قلبي هذا الرزء الفادح وآلمني ألما لا يوصف والله يشهد أنني أشاطر كل أحبائه في الجزائر وعبر العالم ما أصابهم من ضر مبرح.. لله ما أعطى ولله ما أخذ، مضيفا ''إن الكلام مهما كان بليغا لا يفي بما يستحقه من إكبار وثناء نضال هذا الرجل الفذ وتفانيه من أجل تخليص وطنه وشعبه من الاحتلال الأجنبي البغيض. كان هذا الرجل وسيظل واحدا من رموزنا الوطنية البارزة ندين له مدى الدهر بالعرفان والامتنان''. الجزائر: ب. سهيل المؤتمر القومي العربي ينعي الرئيس أحمد بن بلة ''كان علما بارزا في تاريخ وطنه وأمته مسكونا بهواجس المستقبل'' نعت الأمانة العامة للمؤتمر القومي العربي الرئيس الراحل أحمد بن بلة، وقالت في بيان لها إن الأمة العربية فقدت برحيل بن بلة قائدا تاريخيا ورمزا كفاحيا وشخصية فذة، جسّد على مدى سنوات عمره المديد أحلام شعبه وأمته. وذكرت أنه ''كان قائدا لكفاح الجزائريين البطولي من أجل الاستقلال ورمزا لتوق الأمة العربية وشعوب إفريقيا وآسيا وأمريكا اللاتينية إلى الحرية والعدالة والتنمية''. وأشارت أيضا أنه تجمعت في شخصيته شجاعة أصيلة ومبدئية ناصعة ورحابة نفسية مكنته من التفوق على جراح كثيرة أصابته، لأنه كان يتصرف وكأن مصير وطنه يتطلب منه تجاوزا لهذه الجراح، وأن مصلحة أمته أكبر من كل الأحقاد. وقررت إرسال وفد يضم الأمينين العامين السابقين معن بشور وخالد السفياني وعضو الأمانة العامة للمؤتمر هاني سليمان للمشاركة في تشييع جنازة المرحوم. الجزائر: ب. س مرشح الرئاسيات الفرنسية فرانسوا هولاند ''بن بلة أحد رموز مرحلة تاريخية حاسمة لبلدينا'' أشاد مرشح الحزب الاشتراكي للانتخابات الرئاسية الفرنسية فرانسوا هولاند بأحد ''رموز'' تاريخ الجزائروفرنسا المرحوم أحمد بن بلة الذي وافته المنية أمس الأربعاء. وقال هولاند في بيان له إن (أحمد بن بلة) ''سيبقى بالنسبة للفرنسيين والجزائريين أحد رموز مرحلة تاريخية حاسمة لبلدينا''. وإذ ذكر بأنه التقى الفقيد أحمد بن بلة خلال إقامته الأخيرة بالجزائر في ديسمبر 2010 أبى فرنسوا هولاند إلا أن يشيد بذكرى أول رئيس للجمهورية الجزائرية في .''1962 وأضاف فرنسوا هولاند ''50 سنة بعد استقلال الجزائر وبضعة أسابيع بعد ذكرى اتفاقيات إيفيان آمل في أن يتمكن الشعبان الجزائري والفرنسي من ولوج عهد جديد في مجال التعاون''. الجزائر: ب. ف باريس اكتفت بسفيرها الحالي رئيس الحكومة بن كيران يمثل المغرب في جنازة بن بلة يمثل رئيس الحكومة المغربي، عبد الله بن كيران، العاهل المغربي في جنازة الرئيس الراحل أحمد بن بلة في المراسم التي تنظم بعد ظهر اليوم. وأعلن المتحدث باسم الحكومة المغربية وزير الاتصال، مصطفى الخالفي، أمس، أن الوزير الأول عبد الله بن كيران سيمثل الملك محمد السادس في جنازة الرئيس السابق أحمد بن بلة برفقة ممثلي قيادات سياسية مغربية. وبباريس لم يصدر موقف رسمي فرنسي حول وفاة أول رئيس للجزائر بعد الاستقلال، وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية الفرنسية، برنار فاليرو، إنه بناء على دعوة الحكومة الجزائرية للسلك الدبلوماسي الأجنبي لحضور الجنازة سيمثل السفير كزافيي دريانكور (المنتهية عهدته) فرنسا في الجنازة. وفضل الناطق باسم الكي دورسيه عدم الرد على سؤال بخصوص الموقف الفرنسي من وفاة الرئيس بن بلة. وبدوره اعتبر وزير الدفاع الفرنسي الأسبق، بيار شوفنمان، أن ''الجزائر فقدت برحيل بن بلة أحد صناع استقلالها الأوائل''. وأضاف في بيان باسم جمعية الجزائرفرنسا أن الفقيد ''تمكن سنة 1964 من تجديد علاقات التعاون بين بلده وفرنسا''. الجزائر: جمال. ف الرئيس التونسي ضمن المشيّعين أعلنت الرئاسة التونسية عن مشاركة الرئيس منصف المرزوقي في مراسم دفن جثمان الرئيس السابق أحمد بن بلة، الذي سيوارى التراب اليوم الجمعة. ووصف الرئيس التونسي، في بيان أوردته وكالة الأنباء التونسية، الرئيس الراحل بأنه من ''الشخصيات الأكثر حضورا في معركة تحرير الجزائر من الاستعمار الفرنسي وبأنه من حكماء إفريقيا''. الجامعة العربية تصف بن بلة ب''الزعيم العربي الكبير'' تقدمت جامعة الدول العربية ب''بالغ الحزن والأسى'' بتعازيها إلى الشعب الجزائري والأمة العربية بعد وفاة الزعيم العربي الكبير أحمد بن بلة الذي كانت حياته ''حافلة بالنضال البطولي والتفاني'' في خدمة وطنه وأمته والدفاع عن القضايا العادلة في العالم. وقالت الجامعة العربية في بيان لها ''لقد كان بن بلة قائدا ومجاهدا فذا وبطلا شجاعا في مقاومة الاستعمار والهيمنة بكافة أشكالها''. وأشارت إلى أن بن بلة أول رئيس للجمهورية الجزائرية بعد الاستقلال، كان ''أحد أقطاب حركات التحرر في إفريقيا وآسيا''. الجزائر: ب. ف