باشرت قيادات أحزاب حملة انتخابية دونما إلمام كافي بما يقتضيه قانون الانتخابات في نسخته الجديدة، فسقطت، عن قصد أو عن غير قصد، في مطبات المحظور، لما وظفت ''الرموز الوطنية'' موادا دسمة لاستقطاب الناخبين. يتابع الجزائريون حملة انتخابية ''باهتة'' في أيامها الأولى على الأقل، لكنها مشوبة بتجاوزات من محظورات قانون انتخابات جديد، صادق عليه نواب، ظهر أن قادتهم الحزبيون جهلوا، أو تجاهلوا، جملة من ممنوعات سقطوا في مطباتها خلال تجمعاتهم ومهرجاناتهم الانتخابية في الولايات، منذ اليوم الأول لاحتكاكهم بالمواطنين. ولوحظ على رؤساء أحزاب توظيفات في غير محلها، قانونا، تتصل باستعمال ''رموز الدولة'' في مخاطبتهم الحضور في قاعات التجمعات، على رأسها توظيف شخص رئيس الجمهورية عبد العزيز بوتفليقة في سياقات مختلفة، لدغدغة مشاعر الناخبين واستمالتهم، ورغم أن ''رئيس الدولة'' شخصية عمومية، وهو رمز من رموز الدولة، غير أن دواعي استقطاب الأصوات دفع بقادة تشكيلات حزبية إلى اللعب على وتر ''تعاطف'' مواطنين مع شخص الرئيس، لرسم صورة في الأذهان عن حزب قريب في خطه وتوجهاته من الرئيس أو من برنامجه. لكن يبقى المحظور فخ سقط فيه بعض مسؤولي الأحزاب، رغم أن قانون الانتخابات، في شق تنظيم الحملة الانتخابية، واضح في هذا الشأن، ويحظر استعمال رموز الدولة لأغراض انتخابية، باعتبار أن هذه الرموز ملك لجميع المواطنين وليس لجهة أو لحزب أو لمرشح معين، و''لا يحق لأي كان أن يحتكرها لنفسه أو يمنعها عن غيره''. وإن كان شخص الرئيس مادة درجت قيادات أحزاب، سواء التحالف الرئاسي الذي يعتبر الأقرب إلى الرئيس سياسيا في ضوء تبنيه برنامجه، على توظيفه دعائيا، غير أن هذا ''الرمز'' بات طعما ''مشاعا''، تسوقه أغلب التشكيلات السياسية، في توظيفه ضد الحكومة، أو لصالحها، تبعا لتموقع هذا الحزب أو ذلك، بين المعارضة لاعتقادها الراسخ أن المواطن ''مع بوتفليقة ضد الحكومة''، أو الموالاة، لاعتبارها أن برنامج الحكومة هو برنامج الرئيس. ويحظر قانون الانتخابات، أيضا، استخدام الراية الوطنية، وكذلك النشيد الوطني، لأغراض انتخابية، وأدخل ''العلم الوطني'' ضمن الرموز الوطنية المملوكة للشعب، غير أن الملاحظ في بعض الأماكن المخصصة للملصقات الانتخابية إرفاق صور الراية الوطنية مع صورة متصدري القوائم، وتكرر المشهد لدى أحزاب مختلفة في الجزائر العاصمة وفي ولايات مجاورة. وبينما تركز ''أعين الضبط والمراقبة'' لدى لجنة الإشراف القضائي على خرجات قادة التشكيلات المشاركة في التشريعيات، تغفل لجانها الفرعية في الولايات على تجاوزات رؤساء القوائم بمكاتبهم الولائية، على غرار التحافهم الراية الوطنية على منابر التجمعات، علاوة عن تنشيطهم الحملات سيرا على الأقدام (خارج الفضاءات المخصصة للحملة)، الأمر الذي يمنعه القانون أيضا، والذي يسلط عقوبات ضد من يستعمل الرموز الوطنية بالسجن لفترات مختلفة، وبالغرامات المالية. وهي العقوبات التي تطال أيضا من يستعمل اللغات الأجنبية في حملته الانتخابية، بينما رصدت لجنة الإشراف القضائي رئيس حزب استعمل اللغة الفرنسية في تجمعه الانتخابي، بينما تقصر التدخلات خلال الحملة على اللغة الوطنية، سواء كانت العربية أو الأمازيغية.