{قَالَتِ الأَعْرَابُ آمَنَّا قُلْ لَمْ تُؤْمِنُوا...} قال الله تعالى: {قَالَتِ الأَعْرَابُ آمَنَّا قُلْ لَمْ تُؤْمِنُوا وَلَكِنْ قُولُوا أَسْلَمْنَا وَلَمَّا يَدْخُلِ الإيمَانُ فِي قُلُوبِكُمْ وَإِنْ تُطِيعُوا اللهَ وَرَسُولَهُ لا يَلِتْكُمْ مِنْ أَعْمَالِكُمْ شَيْئاً إِنَّ اللهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ} الحجرات .14 يقول العلامة ابن كثير في تفسيره: يقول تعالى مُنْكِراً على الأعراب الّذين أوّل ما دخلوا في الإسلام، ادَّعَوْا لأَنْفسهم مقام الإيمان ولم يتمكّن الإيمان في قلوبهم بعد {قَالَتْ الأَعْرَاب آمَنَّا قُلْ لَمْ تُؤْمِنُوا وَلَكِنْ قُولُوا أَسْلَمْنَا وَلَمَّا يَدْخُل الإِيمَان فِي قُلُوبكُمْ}، أي لَم تصِلُوا إلى حقيقة الإيمان بعد. وقد اسْتُفِيدَ من هذه الآية الكريمة أنّ الإيمان أَخَصُّ من الإسلام، كما هو مذهب أهل السنة والجماعة. ثمّ قال تعالى: {وَإِنْ تُطِيعُوا الله وَرَسُوله لا يَلِتْكُمْ مِنْ أَعْمَالِكُمْ شَيْئاً}، أي لا يُنْقِصكُمْ من أجوركُم شيئاً. من هدي خير الخلق ''أربعُ مَن كُنّ فيه كان...'' عن عبد الله بن عمرو، رضي الله عنهما، عن النّبيّ، صلّى الله عليه وسلّم، قال: ''أربعُ مَن كُنّ فيه كان مُنافقاً، ومن كانت خصلة منهنّ فيه كانت فيه خصلة من النِّفاق حتّى يدعها: مَن إذا حدث كذب، وإذا وعد أخلف، وإذا خاصم فجر، وإذا عاهد غدر'' أخرجه البخاري ومسلم. هذه أربع خصال إذا اجتمعت في الإنسان صار منافقاً، وإذا وجدت فيه واحدة منهنّ، كانت فيه خصلة من النفاق. والمراد بالنِّفاق هنا النِّفاق العملي، وليس النِّفاق الاعتقادي. فقوله عليه الصّلاة والسّلام ''مَن إذا أحدث كذب'' دلَّ على العموم، أي إذا حدث في كلّ شيء، كذب فيه. أو يصير قاصراً، أي إذا وجد ماهية التحديث، كذب. وقوله ''وإذا وعد أخلف''، هذا يكون فيمن يعد وفي نيته أن يخلف، فهذا هو الوصف المذموم، وأما إذا وعد الإنسان وهو يريد ألاّ يخلف ثمّ حصل له مانع يمنعه من الوفاء بالوعد وحصل له أشياء تحول بينه وبين تنفيذ ما وعد، فإنّ هذا لا يكون آثماً. وقوله: ''وإذا خاصم فجر''، أي أنه إذا خاصم، لا يتحاشى في الكلام، بل يزيد في الكلام ويتكلّم بالكلام الباطل في حال الخصومة. وقوله: ''وإذا عاهد غدر''، أي أنه إذا أعطى العهد والميثاق، فإنّه يغدر ولا يفي بعهده.