تعتبر بانوراما 1435 متحف التاريخ بإسطنبول بتركيا، قطبا ثقافيا سياحيا وتاريخيا بامتياز، وأصبحت تنافس كبريات المواقع السياحية والثقافية في تركيا، مثل متحف طوب كابي العالمي، وكنيسة آية صوفيا، ومسجد سلطان أحمد، رغم أنه لم يمرّ على تأسيسها سوى ثلاث سنوات. تحوّلت بانوراما تركيا منذ افتتاحها سنة 2009 إلى محج لأكثر من مليون سائح في السنة، ومصدرا للاقتصاد التركي، إذ تدر 8, 1 مليون دولار سنويا، بينما كلف إنجازها الحكومة التركية وبلدية إسطنبول حوالي 15 مليون دولار. المتحف الفني والتاريخي عبارة عن بناية كبيرة، تؤرخ لمعركة فتح القسطنطينية من طرف محمد الفاتح. يقول محمد رسول تيكباش، مسؤول بإدارة البانوراما، في تصريح ل''الخبر'': ''كانت معركة فتح القسطنطينية حدثا تاريخيا هاما وكبيرا، وليست مجرد فتح باب وغلق باب، بل يتعلق الأمر بفتح دولة عظيمة في باب أوروبا هي بيزنطة، من طرف شاب مسلم هو محمد الفاتح. ولهذا، كان لابد أن يكون الإنجاز الثقافي والفني عظيما أيضا''. وتتربع بانوراما إسطنبول على مساحة ثلاثة آلاف متر، وتتكوّن البناية التي يزورها أكثر من مليون سائح سنويا، مثلما أكده لنا أحد مسؤوليها، من عدة طوابق، وفي آخرها القاعة الكبرى التي تحتضن العرض هي في أعلى بناية البانوراما، وهي دائرية الشكل، في أعلاها قبة تشكل في أسفلها صورة لسماء المعركة، يعتقد المشاهد حين يرفع رأسه لمشاهدتها أنه في الهواء الطلق، بفعل دقة الصور وتداخل الشخوص للعشرة آلاف صور، مع الأغراض الحقيقية من منصات وحبال ومدافع، وحتى آبار وحفر ورمل.. إنها فعلا أعجوبة سينيماتوغرافية، تبهر وتشدّ الزوّار الذين يتدافعون لالتقاط الصور، فتشعر وكأنك أمام معركة حقيقية، من خلال روعة الصور التي تجسد قتال جيش محمد الفاتح ضد جيش بيزنطة. ويزيد في روعة المشهد المؤثرات الصوتية وتقنية الضوء، في عمل فريد من نوعه على مستوى العالم كلف بلدية إسطنبول، التي أشرفت على العمل، قرابة 15 مليون دولار كميزانية إنجاز. ويشاهد الزائر على مسرح معركة فتح القسطنطينية مقتنيات من بقايا المعركة وبعض القطع المقلدة، مثل المدافع التي يزيد وزن الواحد منها عن الطن وبطول ثمانية أمتار، ونسخ مقلدة عن القنابل الثلاثة التي استعملها محمد الفاتح في دكّ حصون القسطنطينية. وكانت ثلاث قنابل آنذاك مفعول الواحدة منها يعادل خمسة زلازل، حسب ما أوضحه تيكباش رسول، وتوجد إحدى هذه القنابل ببريطانيا ولا يعرف كيف وصلت إلى هناك، بينما توجد قنبلة حقيقية بتركيا، في حين اختفت الثالثة. ووظف مهندسو البانوراما من الأتراك أكثر من عشرة آلاف صورة، تشكل الخلفية على شكل دائري، يتزاحم الزوّار باندهاش لمتابعتها، وتظهر إحدى الصور السلطان محمد الفاتح في شبابه وهو على ظهر حصانه، يتابع المعركة أثناء الفتح. ومن عجائب البانوراما أن المهندسين وضعوا صورة محمد الفاتح في سماء المعركة، على طريقة وضع صور الزعماء في النقود، حتى لا يطالها التزوير. وتحوّلت بانوراما 1435 متحف التاريخ بإسطنبول، وهي التسمية الرسمية للمكان، إلى مصدر إلهام للمخرجين والمبدعين في تركيا، إذ أخذ منها مخرج الفيلم السينمائي الذي أنتج مؤخرا وصوّر معركة فتح القسطنطينية، بأضخم ميزانية في تاريخ السينما العالمية أيضا، صورا للمعارك والأغراض والحصون التي يحسبها المشاهد لأول مرة أحداثا حقيقية. بانوراما إسطنبول إنجاز فني ثقافي ضخم، أصبح يدرّ على تركيا مداخيل بالعملة الصعبة، تفوق المليون وثمانية ألف دولار سنويا.