يتحدث العديد من سياسيينا النافذين عن اعتكاف الرئيس بوتفليقة، هذه الأيام، على إعداد حكومة تتشكل غالبية حقائبها من وزارات منتدبة، وعدد قليل من الوزارات التي يصفها هؤلاء الساسة بالوزارات الكبرى أو السيادية... ويقول هؤلاء الساسة إن ما دفع بوتفليقة إلى هذه الفكرة أو هذه السياسة، هو رغبته في إعداد وجوه جديدة وتكوينها في مناصب وزراء منتدبين، بهدف تأهيلهم ليصبحوا في وقت لاحق وزراء... إذا صحت هذه الأحاديث، فإن بوتفليقة من الذين يرون أن الأجيال الجديدة التي أفرزتها وتفرزها الجامعات الجزائرية منذ مطلع الاستقلال، لا زالت غير مؤهلة لتحمّل مسؤولية إدارة مؤسسات الدولة، ولتأهيلها للقيام بهذا الدور لابد من تدريبها، وبطبيعة الحال تدريبها وتأهيلها على يد الوزراء والمسؤولين الحاليين... أي على يد الذين أوصلوا البلد إلى الإفلاس الذي نعيشه... إذا صحت أحاديث سياسيينا النافذين، فإن بوتفليقة ومعه بطبيعة الحال كل أركان النظام الحاكم لم يكتفوا بتدمير حاضر البلد فقط، وإنما مصرّون على تدمير مستقبله كذلك. للتنبيه فقط، نقول إن فترة حكم بوتفليقة هي امتداد لحكم زروال، والأخيرة امتداد لحكم الشاذلي بن جديد، والأخيرة امتداد لحكم الراحل بومدين، وإذا ما حملت كل فترة من هذه الفترات ميزات خاصة بها، فإنها تبقى أوجها متعددة لنظام حكم واحد، لذلك فإننا نسعى ونتحدث جميعا، ومنا بوتفليقة نفسه، عن حلم الانتقال إلى الجمهورية الثانية... بموازاة هذا هناك إجماع على أن النظام الذي يحكمنا مفلس بكل المقاييس، وعلى كل من لا يصدق هذه الحقيقة العودة إلى خطابات الرئيس بوتفليقة عندما كان في كامل قواه الصحية... يومها كان يهاجم ويتهجم على الجميع ويدين النظام الحاكم بأقصى عبارات الإدانة، وقد كان محقا في ذلك، لكن ها هي أوضاع الجزائر تزداد سوءا بعد اثنتي عشرة سنة من حكمه، ونعتقد أنه من غير الحكمة أن يتهرّب من تحمّل مسؤولياته ويقول إنه غير مسؤول عن الحصيلة بعد كل هذه السنوات من وجوده وتواجده على رأس السلطة... والسؤال المطروح هو: هل يعقل أن يحكم من أوصل البلد إلى هذه النتيجة على الأجيال الجديدة وليس الجيل الجديد بعدم القدرة، بل ويفكر في تأهيل غيره لتحمّل المسؤولية. بقي لنا أن نعرف من هو الجيل الجديد المؤهل لخلافة جيل نوفمبر؟ هل هو جيل مولود حمروش، الذي بلغ هو الآخر من السن عتيا، أم جيل أويحيى وبن فليس وغزالي وبن بيتور الذي شاخ هو الآخر، أم الجيل الجديد الناشط في الساحة من شباب سبعينات القرن الماضي، والذي هرم بدوره ودخل من الناحية القانونية مرحلة التقاعد... نريد أن نعرف فقط، أي الأجيال مؤهل لخلافة جيل نوفمبر، وبعد ذلك يصبح لكل حادث حديث. [email protected]