كانت حفلات الأعراس تعرف بمنطقة القبائل بالتحضير لها شهورا عديدة قبل حلولها، حيث يتم ترميم البيت وطلائه، وقبل بضعة أسابيع، تقوم النسوة بتحضير الكسكسي الذي يعتبر أساسيا في العرس القبائلي. وتقام الأعراس بمنطقة القبائل على مدى يومين، يتم خلالهما إطعام الأقارب والضيوف بعد ذبح عجل يتم شراؤه لهذا الغرض، وهو ما يضفي تقاليد عريقة بدأت تزول شيئا فشيئا تحت ذرائع مختلفة، أبرزها تدهور القدرة الشرائية، وعجز العائلات على الإنفاق على الضيوف والمدعوين لمدة يومين، وهو ما أثر على عادات وتقاليد الأعراس بهذه المنطقة، حيث أصبحت الأغلبية من العائلات تفضل إقامة أعراسها في قاعات الحفلات، وتقتصر على وجبة واحدة وبعدد محدّد من المدعوين، بعدما كانت العادات تقتضي دعوة كافة سكان القرية لحضور العرس ومشاركة أهله الفرحة. وكانت فرق الطبل التقليدية إحدى مميزات الأعراس عند القبائل، إلا أن ''الموضة'' أتت على هذا التقليد العريق، وأضحى ''الديسك جوكي'' يعوّض ''الطبابلة''، رغم كونه ظاهرة دخيلة على المنطقة التي كانت أعراسها، إلى وقت قريب، تتميز بفرق الطبل التقليدي. وينتقد العديد من السكان ظاهرة ''الديسك جوكي'' في حفلات الأعراس كونها، حسب هؤلاء، تتنافى مع طابع هذه المنطقة المحافظة. ولا يقتصر انتقاد هؤلاء للظاهرة على محتوى الأغاني التي تبث بصوت مرتفع، بل يمتد إلى الإزعاج الذي تتسبّب فيه الظاهرة، إذ يضطر السكان الذين لا علاقة لهم بالعرس حتى في القرى النائية، مكرهين، إلى السهر على أنغام الأغاني إلى الصباح، رغم أن القانون يمنع ذلك ويحدّد منتصف الليل كأقصى حدّ لتخفيض الصوت. ويعتقد العديد من المتتبعين أن اختفاء العادات والتقاليد العريقة شيئا فشيئا مرتبط بالتغيرات الاجتماعية في السنوات الأخيرة، وباتت ''الموضة'' تطغى على الأعراس، رغم أنها موضة تتنافى أحيانا مع التقاليد.