من عجز عن الصّيام بكبر، أفطر وأطعم إن شاء عن كلّ يوم مُدًّا من قوت أهل بلده، بمُدّ النّبيّ، صلّى الله عليه وسلّم، والحامل كالمريض تفطر وتقضي، ولو أطعمت مع ذلك كان أحسن، وذلك إذا خشيت على نفسها أو على ما في بطنها بتجربة منها أو إذن طبيب مختص، ولم تطق الصّوم. وأمّا المرضع إذا خافت على ولدها، فإنّها تفطر، وتقضي الأيّام التي أفطرتها، وتطعم عن كلّ يوم مُدّا لمسكين مع القضاء، وهو أعدل الأقاويل في ذلك إنّ شاء الله. ومن أغمي عليه نهاره كلّه أو أكثره في رمضان، لم يجزه صومه، سواء كان قبل الفجر أو بعده. ومن أغمي عليه يسيرًا من يومه أجزأه صوم ذلك اليوم، وسواء أكان الإغماء اليسير قبل الفجر أو بعده. وقد قيل إنّ إغماءه إن كان قبل الفجر ولم يفق حتّى طلع الفجر لم يجزه يسيرًا كان أو كثيرًا، وقيل أيضًا إنّ الإغماء بعد الفجر لمَن بيّت الصّوم لا يضرّه، يسيرًا كان أو كثيرًا، وهذا أولى بالصّواب إن شاء الله. واعلم أنّ لرمضان حُرمة عظيمة، فويل لمَن انتهك حرمته. فعن ابن عباس، رضي الله عنهما، أنّ رسول الله، صلّى الله عليه وسلّم، قال: ''عُرَى الإسلام وقواعد الدّين ثلاثة عليهنّ أسس الإسلام. مَن ترك واحدة منهن، فهو بها كافر حلال الدم: شهادة أن لا إله إلاّ الله والصّلاة المكتوبة وصوم رمضان'' رواه أبو يعلى والديلمي وصحّحه الذهبي. وعن أبي هريرة، رضي الله عنه، أنّ النّبيّ، صلّى الله عليه وسلّم، قال: ''مَن أفطر يومًا من رمضان، في غير رخصة رخّصها الله له لم يقض عنه صيام الدّهر كلّه وإن صامه'' رواه أبو داود وابن ماجه والترمذي. وفي رواية للبخاري: ''مَن أفطر يوما من رمضان من غير عذر ولا مرض لم يقضه صوم الدهر وإن صامه''. قال الإمام الذهبي: وعند المؤمنين مقرّر أنّ مَن ترك صوم رمضان بلا مرض أنّه شرّ من الزّاني ومدمن خمر، بل يشكّون في إسلامه ويظنّون به الزندقة والانحلال والعياذ بالله!