إنّ من أراد كمال الآخرة وسعادة اللّقاء بها، فليُكثر في الدنيا من ذِكر الله تعالى، ذِكر الحضور معه وذِكر المراقبة له، والخشية منه، وذِكر المهابة لجلاله والتّعظيم لعظمته. الذِّكرُ الّذي يورث القلب خضوعًا بين يديه، ولذّة بالطّاعة لديه، الذِّكر الّذي يمحو من القلب المَيل إلى الأغيار، ويجذب العبد للتخلّق بخُلق الأبرار، ويحقّق في العبد التذلّل بين يدي الجبار. الذِّكر يحجب العبد عن الغفلات، ويبعده عن الزلاّت، ويسمو به إلى لذّة الطّاعات، ويثمر في حياته أكمل العبادات. الذِّكر الّذي يهب للعبد خدمة عباد الله تقرُّبًا إلى الله، ويسعَى بجهده لكشف كربات العباد حُبًّا في الله، فهو مع الخلق بجسمه، ومع الخالق بقلبه ورسمه، ويرى العباد صورًا تنعكس فيهم تقادير الله، ومرايَا تتجلّى فيهم أنوار الله، ليظهر الكمال في التّدبير، والجمال في التّقدير، والتّحقيق بالرِّضا.