أحيطت زيارة الوزير المنتدب للشؤون المغاربية والإفريقية عبد القادر مساهل إلى باريس بسرية تامة، رغم إعلان وزارة الخارجية الجزائرية عنها رسميا من خلال ناطقها الرسمي. وما يزيد في الغموض المحيط بهذه الزيارة، أن ''أجندة'' مواعيد وزير الخارجية الفرنسي ''لم تشر إلى أي لقاء'' مبرمج بين فابيوس ومساهل. لم تتضمن ''أجندة'' المواعيد التي نشرها ''الكيدورسي'' على موقع الوزارة في شبكة الأنترنت، حول نشاطات وزير الخارجية لوران فابيوس ومساعديه لهذا الأسبوع الجاري، أي موعد له مع الوزير المنتدب لشؤون المغاربية والإفريقية عبد القادر مساهل، وهو ما يغذي الانطباع بأن زيارة عبد القادر مساهل إلى باريس لمقابلة المسؤولين الفرنسيين بشأن الوضع في منطقة الساحل وأزمة مالي على الخصوص، مستعجلة وقد تقررت في آخر لحظة ولم يسبقها أي تحضير، مثلما تجري عليه الأمور في العادة، مما جعل ''الأجندة'' المعتمدة من طرف الخارجية الفرنسية تخلو من أي لقاء مخصص للوزير الجزائري. وتكون حالة ''البرودة'' المتولدة عن ''الخلاف'' في المواقف بين البلدين، بخصوص الحل المفترض للأزمة في مالي، حيث ترافع باريس من أجل الحل العسكري وتدعو الجزائر إلى الحل التفاوضي، وراء سعي ''الكيدورسي'' لجعل زيارة عبد القادر مساهل بعيدة عن الأضواء الإعلامية، وذلك حتى لا تضطر باريس إلى مراجعة ربما الحسابات التي وضعتها مع شركائها في نهجها للحل العسكري بشمال مالي. ولا يستبعد أن تكون تصريحات وزير الدفاع الفرنسي، التي دعا فيها أول أمس، الجزائر لمرافقة مسعى فرنسا ومالي ''إذا رغبت''، تندرج ضمن مساعي فرنسا لقطع الطريق أمام محاولات الجزائر تجنيب منطقة الساحل تداعيات التدخل العسكري الخارجي. وتتزامن هذه الضغوط الفرنسية لكسر المقترح الجزائري، مع انطلاق النقاش أمس داخل مجلس الأمن، بشأن مطلب إرسال قوات عسكرية إلى شمال مالي وفقا لطلب باماكو. وفي هذا السياق، قال جيرت روزنتال، سفير غواتيمالا في الأممالمتحدة ورئيس مجلس الأمن الدولي خلال شهر أكتوبر الجاري، إن مجلس الأمن سيعقد مشاورات أولية حول طلب الحكومة المالية والمجموعة الاقتصادية لدول غرب إفريقيا للتدخل العسكري في شمال البلاد، متوقعاً أن يعقد المجلس اجتماعا ثانياً على الأقل خلال شهر أكتوبر الجاري. وأضاف المسؤول الأممي في نفس السياق أنه ''سيلزم الكثير من المناقشات بين أعضاء المجلس أنفسهم قبل مناقشة الأمر مع مجموعة غرب إفريقيا''. ولا يستبعد أن يكون الملف المالي حاضرا، اليوم وغدا، في اجتماع مجموعة 5+5 التشاوري، بمالطا الذي سيشارك فيه الوزير الأول عبد المالك سلال ممثلا للجزائر إلى جانب موريتانيا والمغرب وليبيا وتونس من الضفة الجنوبية للمتوسط، وفرنسا إيطاليا وإسبانيا والبرتغال ومالطا من الضفة الشمالية للمتوسط، خصوصا وأنه سيبحث التحديات الأمنية والتنمية والهجرة في منطقة المتوسط. وترى فرنسا في الإطار الذي توفره مجموعة 5+5 ''علبة أدوات'' تأمل في استعمالها لتطوير التعاون بين البلدان المتوسطية بعد فشل الاتحاد من أجل المتوسط. وأعرب الوزير الأول المالطي لورانس غونزي خلال تقديم عرض حول احتضان بلاده القمة ال2 لمجموعة 5+,5 مضيفا أن هذا الموعد ''تاريخي في حد ذاته، سيكون بمثابة واجهة للحوار ما بين الثقافات''، وأن ''طبيعته غير الرسمية تسمح بإجراء نقاش صريح''.