بصفته ممثلا لرئيس الجمهورية…عطاف يشرع في زيارة رسمية إلى تونس    فرحات شابخ: تحسين أوضاع عمال التربية محور لقاءات مرتقبة بين الوزارة والشركاء الاجتماعيين    الجزائر وجنوب إفريقيا تبحثان سبل تعزيز التعاون الثنائي وقضايا إقليمية ذات اهتمام مشترك    "زمالة الأمير عبد القادر": أكبر سفينة صيد بحرية جزائرية محلية الصنع تنزل المياه من ميناء المرسى بالشلف    جامعة التكوين المتواصل تنظم الدورة التكوينية الثانية في المقاولاتية    الجزائر تُعرب عن أسفها لموقف واشنطن بشأن الصحراء الغربية: "الحق في تقرير المصير لا يسقط بالتقادم"    عرض آفاق عصرنة وتطوير بلديات سيدي أمحمد في اجتماع مع والي ولاية الجزائر    الطبعة ال27 للصالون الدولي للصحة "سيمام" تنطلق بوهران بمشاركة 600 شركة من 38 دولة    الوكالة الجزائرية لترقية الاستثمار:غالبية المشاريع الاستثمارية دخلت فعليا في مرحلة الإنجاز    حوادث المرور: وفاة 6 أشخاص وجرح أكثر من 270 آخرين خلال ال 24 ساعة الأخيرة    مجلس الأمن الدولي يعقد اجتماعا مغلقا بشأن الوضع في الصومال    غزة : ارتفاع حصيلة الضحايا إلى 50846 شهيدا و115729 جريحا    الاحصاء العام للفلاحة: قرار رئيس الجمهورية للتدقيق في العملية قرار "استراتيجي"    السيد شايب يستقبل وفدا عن المجمع الاعلامي "سي أن أن انترناشيونال"    منظمة التحرير الفلسطينية: قرار الاحتلال إغلاق مدارس "أونروا" في القدس المحتلة اعتداء على حقوق اللاجئين    التأمينات تحقق رقم أعمال يزيد عن 181 مليار دج في 2024    وفاة ضابط وإصابة 3 أعوان للحماية المدنية بجروح    رئيس الجمهورية يستقبل وزير الشؤون الخارجية الإيراني    الديوان يسخر مراكز للتكوين والتدريب لفائدة الحجاج    دعوة المجتمع المغربي للانخراط في معركة مناهضة التطبيع    كبار مسؤولي الأمم المتحدة يدعون العالم إلى التحرّك العاجل    كيانات ودول معادية تجنّد طغمة باماكو ضد الجزائر    الإحصاء أساس القرارات الصائبة لضمان الأمن الغذائي    منصة "أدرس في الجزائر" خدمة للطلبة الدوليين    ادعاءات مالي باطلة هدفها تحويل الأنظار عن أزمتها الداخلية    دعم تام لمشروع تطوير إنتاج الليثيوم    تقنية الجيل الخامس لجعل الجزائر محورا إقليميا في تكنولوجيا المعلومات    حجز 26 طنّا من الكيف و147 كلغ من الكوكايين    الفيفا تنظم ندوة حول بالجزائر    توحيد الجهود ووضع استراتيجية لدعم الجبهة الداخلية    ورشة لتقييم نظام الأدوية واللقاحات    الجزائر محمية باللّه    ارتفاع عدد الصحفيين الشهداء    "الطبيخ".."المحلبي" و "البالوزة" إرث محفوظ بقسنطينة    إبراز أعمال المؤرخ الجزائري الراحل عمر كارلييه    مواصلة رقمنة المخطوطات والمؤلّفات النادرة ضرورة    "السياسي" متحمس للعودة بالتأهل من العاصمة    بالإصرار والعزيمة التأهل ليس مستحيلا    مدرب مرسيليا يؤكد عودة غويري في لقاء موناكو    مشاكل التسويق ترهن جهود الماكثات في البيوت    إحياء التراث الموسيقيّ وتكريم دحمان الحراشي    اليوم العربي للمخطوط: لقاء علمي بالجزائر العاصمة حول حفظ وصيانة المخطوطات    فنزويلا "ضيف شرف" الطبعة 14 للمهرجان الثقافي الدولي للموسيقي السيمفونية    سيدي بلعباس..إبراز أهمية دور العلوم الإنسانية والاجتماعية في تطوير أبحاث الذكاء الاصطناعي    حج 2025 : تسخير مراكز للتكوين والتدريب لفائدة الحجاج عبر مختلف بلديات ودوائر الوطن    المغرب: تسويف حكومي يهدد القطاع الصحي بالانفجار والعودة الى الاحتجاجات    وفاة شخص وجرح 204 آخرين في حوادث المرور    شرطة الطارف تطلق حملة تحسيسية للوقاية من آفة المخدرات    مختصون وباحثون جامعيون يؤكدون أهمية رقمنة المخطوطات في الحفاظ على الذاكرة الوطنية    مواي طاي (بطولة افريقيا- 2025- أكابر): مشاركة 12 مصارعا في موعد ليبيا المؤهل إلى الألعاب العالمية- 2025 بالصين    تنظيم الطبعة الأولى من 12 إلى 15 أفريل    الشباب يستعيد الوصافة    كأس الكونفدرالية/ربع نهائي إياب: شباب قسنطينة يتنقل هذا المساء إلى الجزائر العاصمة    تصفيات مونديال سيدات 2026 (أقل من 20 عاما): المنتخب الجزائري يجري تربصا تحضيريا بسيدي موسى    فتاوى : الجمع بين نية القضاء وصيام ست من شوال    اللهم نسألك الثبات بعد رمضان    لقد كان وما زال لكل زمان عادُها..    أعيادنا بين العادة والعبادة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



التفاصيل الغائية في الحديث عن الصحافة
عتبات الكلام
نشر في الخبر يوم 08 - 10 - 2012

يروي الناقد السعودي عبد الله الغذامي، في كتابه الموسوم ''حكاية الحداثة في المملكة العربية السعودية''، عن شخص قدم إلى مكة، في السبعينيات من القرن الماضي، فتفاجأ برؤية مجلات مصرية نشرت صور كتاب أحياء لأنه اعتاد، في قريته، قراءة الكتب التي ألفها الأموات! وانبهر عندما بدأ قراءة صحيفة ''أم القرى'' لأنه قرأ أول سطر في عمود من اليمين وواصل قراءته باتجاه اليسار كلمة بعد أخرى. فلم يفهم المعنى. وتعجب من وجود فراغ بين الأعمدة لأن ما قرأه ليس شعرا. لقد أمضى وقتا غير قليل حتى عرف أن المقال يقرأ عموديا وليس أفقيا. وشعر أن مقالات الصحف مبتورة لأنه لم يعرف أين يجد بقيتها. ولاحظ أن أسلوب كتابة الصحف بسيط جدا ويختلف عن اللغة التراثية التي كانت تتطلب منه الحفظ. وبعد سنوات قلائل، أصبح هذا الشخص صحفيا في صحيفة الرائد، ثم انتقل لمجلة الجزيرة ليصبح مدير تحريرها!
ماذا لو روى هذا الشخص سيرته المهنية بكل تفاصيلها؟ إنه يقدم خدمة جليلة لدارسي الصحافة وباحثيها.
لست أدري لماذا يحجم الكثير من الصحافيين العرب عن ذكر تفاصيل تجاربهم المهنية عندما يطلب منهم الحديث عن الإعلام والصحافة؟
لقد أصْرَرْتُ على حضور محاضرة لأحد أساطين الصحافة العرب عن تطور الصحافة العربية. فبدأها بالإشارة إلى أن إصدار صحيفة في المنطقة العربية، في مطلع هذه الألفية، يعد أمرا أصعب من إصدارها في أثناء الحكم العثماني نظرا للعراقيل التي تضع في طريق كل مرشح لإصدارها! واختتم كلامه بالامتعاض مما آلت إليه مهنة الصحافة، لأن الأبواب فتحت لكل من هبّ ودبّ لإصدار جريدة! وطالب بضرورة تدخل السلطات العمومية للحد من إصدار الصحف!
كانت خيبتي كبيرة في هذا الصحافي ليس للتناقض الذي وقع فيه فقط، بل لأنني كنت وما زلت حريصا على الاستماع لتجارب الصحافيين نظرا لما أجنيه من فوائد. لكن هذه ليست خيبتي الوحيدة مع الأسف. فقد ركبت الصعاب للوصول إلى منتدى الإعلام العربي المنعقد في دبي لأستمع لمداخلة أحد الصحافيين العرب البارزين، الذي يفضل أن يُقَدَم للناس كصاحب أول تجربة في الصحافة الإلكترونية العربية. فبدأ مداخلته بالتأكيد على مزايا الصحافة الإلكترونية (وكأنه كان يعتقد أن بعض الحضور يشك في ذلك)، واختتمها بتأبين الصحافة الورقية. وبين المقدمة والخاتمة رفع على مسامعنا قائمة بعناوين الصحف الأمريكية التي قضت نحبها، وتلك التي هاجرت إلى شبكة الانترنت. ولم يحدثنا قط عن تجربته وانتقاله من عالم الورق إلى الشاشة، أي كيف غيّرت الصحافة الإلكترونية نظرته لدور الصحافة؟ وكيف أثّرت في أسلوبه وفي بنية نصه الصحفي؟ وكيف بدلت علاقته بالقراء وبمصادر أخباره؟ وكيف أعاد تنظيم العمل الصحفي؟ وما هي آليات تأكده من صحة الأخبار التي ينشرها عبر وسيط إعلامي يصعب سباقه؟
لا يجب أن يستشف من كل ما ذكر أعلاه أن الصحف العربية خالية من رجالها الأكفاء الذين يجيدون الحديث عن تجاربهم الثرية. فربما حظي السيئ هو الذي قادني إلى بعض الصحافيين الذين تستضيفهم كليات الإعلام العربية للحديث عن تأثير التكنولوجيا على عملهم. فيشرعون في تقديم ''مواعظ مهنية'' أو ينصرفون للحديث عن الصحافة في الولايات المتحدة الأمريكية أو بريطانيا أو فرنسا، أي المعلومات التي يمكن لأي طالب في الصحافة الحصول عليها بفضل ''بركات'' الشيخ ''غوغل''. ونادرا ما يتحدثون عن ولوج التكنولوجيا في مؤسساتهم الإعلامية وتأثيرها على عملهم، والتي يستحيل العثور عليها في أي كتاب.
قد يرى البعض أنني أخطأت العنوان لأنه كان عليّ قراءة ما دوّنه الصحافيون العرب عن تجاربهم الصحفية. ربما الأمر كذلك لأنني لم أطّلع على كل ما كتبه الصحافيون العرب عن ممارستهم للصحافة. لكن القليل مما قرأته لم يبدد خيبتي. فالكتاب المشهور ''بين الصحافة والسياسية'' لم يتطرق لتطور مهنة الصحافة في مصر، إلا بقدر ما سمح بالرد على ما اتهم به صاحبه أو لتصفية حساباته السياسية والمهنية. ومهما يكون الاختلاف حول تقييم هذا الكتاب، فإنه لم يجعل من ممارسة الصحافة موضع تفكير، على غرار ما ألّفه الكثير من الصحافيين، مثل الصحافي الفرنسي'' جون دانيال'' الذي غاص في تجربته ليشخص الفروق القائمة بين الصحافة الفرانكفونية والأنجلو-سكسونية، أو ما كتبه الصحافي'' بيار لندن'' الذي عكس مخاض ولادة الربورتاج الصحفي في فرنسا، ولا كتاب جوزيف بوليتزر الذي أصبح ما كتبه عن تجربته الصحافية مرجعا في الحديث عن ميلاد''الصحافة الصفراء'' في الولايات المتحدة الأمريكية.
أخيرا، يمكن القول أن شهادات مثل هؤلاء المهنيين تجعل الصحافة موضوعا للتأريخ، بدل الاكتفاء بأن تكون أداة كتابته.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.