عرض فيلم ''اليوم'' للمخرج الفرانكو سينغالي ألان غوماز، أول أمس، في إطار فعاليات مهرجان الفيلم الملتزم بالجزائر العاصمة، في محاولة لتقديم قراءة فلسفية للموت والحياة، بديكور أبرز المخرج، من خلاله، تفاصيل الحياة بداكار بجماليتها وبساطتها وكذلك بؤسها. يعتبر ''تاي'' باللغة المحلية السينغالية أو ''اليوم''، ثالث فيلم خيالي طويل للمخرج الفرونكو سينغالي، ألان غوماز، أنتج نهاية سنة 2011 وعرض في عدد من المهرجانات، كما توّج بحوالي 24 جائزة إقليمية ودولية، بكل من مهرجان ميلان بإيطاليا وسيتال بالولايات المتحدةالأمريكية وبرلين بألمانيا، وبجائزة مهرجان السينما الإفريقية كوردو، ومهرجان خريبقة، كما حاز، مؤخرا، الجائزة الخاصة للجنة التحكيم بمهرجان قرطاج، في تونس. تتلخص قصّة ''اليوم''، الفيلم الثاني في مسابقة الأفلام الطويلة بمهرجان الفيلم الملتزم، الذي عُرِض بقاعة ابن زيدون، في معرفة الشاب ساشي الذي يؤدي دوره الممثل الأمريكي ''سول ويليام'' لموعد موته، ومحاولته استغلال كل ثانية للرجوع إلى ذكريات الطفولة والأصدقاء والأماكن التي عاش فيها وتمثل بالنسبة إليه رصيدا من المشاعر. واستطاع المخرج أن ينقل لنا تلك المشاعر القوية الممزوجة بين الرعب والخوف من الموت، وفي نفس الوقت استسلام الإنسان لقدره المحتوم والمكتوب له، لأنه، كما تقول أم ساشي، إرادة إلهية، فلا أحد يهرب من الموت واستقبالها بابتسامة وفرح، رغم أنها تحرمنا من أعز الناس. ينطلق الفيلم من لحظة الألم حين يصوّر الشاب ساشي مستلقيا على سريره، مع تركيز المخرج الشديد على ملامح الوجه والتفاصيل الدقيقة بالواقع المحيط، لكن العينين هما الأهم، أو بوابة الذاكرة، حيث يأخذنا المخرج انطلاقا منهما في رحلة إلى عمق الذات الإنسانية ومحاولاتها اللّحاق بما فاتها وطرح التساؤلات حول ماضيها القريب ولم اختاره الموت من ضمن كل الناس. تتبع الكاميرا بكل دقة من خلال تنقل البطل بحثا عن ذكرياته، الحياة السينغالية بكل تناقضاتها، صراعاتها، بساطتها، جماليتها وبؤسها، ومحاولة تأقلم أهلها مع المستجدات ومع الواقع المرير، خاصة أن أغلب الشباب يطمح للهجرة بالضبط مثل ساشي. ويحاول الفيلم الذي صوّر بالعاصمة السينغالية ''داكار'' ملامسة هذه التفاصيل، في مقاربة فلسفية بين الحياة والموت، حيث يحذرنا الفيلم منذ البداية أن الموت يمكن أن يعلمنا بقدومه قبل الأوان، وهي دعوة لاستغلال الحياة في كل دقائقها من أجل الفرح. اعتمد المخرج على ديكور طبيعي يعكس يوميات السينغاليين، وعلى التحرك السريع للكاميرا، ما أعطى أكثر حياة للفيلم، رغم أنه يتحدث عن لقاء الموت. ورغم تركيز المخرج على البطل الرئيسي، إلا أن المشاهد يمكنه إدراك تفاصيل الحياة في داكار بوضوح يقرّب المشاهد أكثر إلى واقع الحياة، أكثر من الموت نفسه الذي يتحدث عنه.