تتوفر ''الخبر'' على مذكرة موقّعة من محمد عمارة، مدير عام الشؤون القضائية والقانونية بوزارة العدل، نيابة عن الوزير محمد شرفي، تطلب من رؤساء مجالس القضاء والنواب العاملين بها ورؤساء المحاكم الإدارية ومحافظي الدولة، أن يقتصر طلب ترجمة الوثائق والمستندات التي يتعامل معها القاضي على تلك الصادرة من الدول الأجنبية، بل حتى الوثائق التي تصدر عن جهة غير جزائرية، فإن القاضي مطالب ب''أن يمارس دورا إيجابيا في تسيير الخصومة''. بمعنى أنه مطالب بأن يقدّر ما هي الوثيقة التي تستوجب الترجمة. وجاء في المذكرة، التي حملت تاريخ 4 ديسمبر الجاري، أن ''القراءة المتأنية والمتكاملة لقانون الإجراءات المدنية والإدارية، تبرز جليا بأن كل أحكامه قائمة على الفلسفة الرامية إلى تمكين المتقاضي من اللجوء إلى القضاء للمطالبة بحقوقه أو الدفاع عنها، بإجراءات سهلة ومرنة وتكون في متناول جميع المتقاضين''. وأضافت المذكرة بأن الممارسة الميدانية للقضاة، منذ دخول القانون المذكور حيّز التطبيق قبل ثلاث سنوات، ''أبرزت للعيان بأن بعض التطبيقات أصبحت ترهن تحقيق الأهداف المرجوة من القانون، وأصبحت تعيق إلى حد ما إجراءات التقاضي ومن ثمة مبدأ تسهيل اللجوء إلى القضاء، مثل ترجمة الوثائق والمستندات المودعة بملف الدعوى''. وأفادت المذكرة بأن ''مثل هذا الفهم ومثل هذا التطبيق لا يسهّل البتة للمواطن إجراءات التقاضي، بل يتناقض وروح وفلسفة القانون. وعليه فإن أي تفسير للنصوص أو الإجراءات لا بد أن يتبنى التسيير الذي يؤدي إلى مراعاة مصالح المتقاضين المتمثلة أساسا في تحقيق المحاكمة العادلة، من خلال انتهاء الخصومة بحكم عادل ومنصف''. وتتضمن مذكرة محمد شرفي، اعترافا صريحا بأن ترجمة الوثائق المقررة بالمادة 8 من قانون الإجراءات المدنية والإدارية سببت عوائق للمتقاضين. وبذلك، فإن الوزير وجد أن وضع هذا الشرط لم يكن موفقا، بل فاشلا والفشل ينسب في هذه الحالة إلى وزير العدل السابق ورئيس المجلس الدستوري الحالي الطيب بلعيز، بحكم أنه هو من أعدَّ القانون الذي تسبّب حين صدوره في إثارة تذمّر المحامين والمتقاضين الذين كلفهم أعباء مالية كبيرة واستغربه الكثير، إذ كيف يتصور إجبار المواطن الجزائري على ترجمة وثائق تصدرها مؤسسات بلده بلغة غير اللغة الرسمية!. ولم يفهم ممارسو القانون ما الذي دفع الوزارة في عهد بلعيز إلى اعتماد إجراء لم يدرج حتى في قانون تعميم استعمال اللغة العربية الصادر في 1991!. وقال قضاة ببعض المحاكم ل''الخبر''، أنهم تعاملوا مع مذكرة شرفي على أنها ''أول إجراء لإصلاح إصلاحات بلعيز''. غير أنهم لا يخفون بأن الأمر بإبطال مفعول المادة 8 يضعهم في حرج، لأن وزير العدل، حسبهم، يدرك جيدا أن التعليمة أو المذكرة في مرتبة أدنى من القانون. لذلك يفترض، في مثل هذه الحالات، أن تتحمل الحكومة مسؤولياتها فتعترف بأن اختيارها لم يكن صائبا وتصححه بنص تشريعي يعيد النظر في الجوانب غير المناسبة في هذا القانون.