أظهرت النتائج الرسمية المعلنة من قبل المجلس الدستوري، بشأن انتخابات التجديد النصفي لمجلس الأمة التي جرت يوم 29 ديسمبر الفارط، أن عدد الأصوات الملغاة في هذه الانتخابات بلغ رقما قياسيا، بحيث تم تسجيل 2376 صوت ملغى، كما سجل أيضا امتناع عن التصويت للمنتخبين المحليين بلغ عددهم 1644 منتخب. وتظهر هذه الأرقام أن العزوف عن الانتخابات لم يعد حكرا على المواطنين في المواعيد الانتخابية الفارطة، بل امتد ليشمل كذلك ما يسمى ب''كبار الناخبين'' الذين لم يكلف المئات منهم أنفسهم عناء التنقل إلى مكاتب الاقتراع لاختيار ال 48 سيناتورا في مجلس الأمة في عملية التجديد النصفي للغرفة العليا للبرلمان. كما أن أكثر من ألفين من الذين صوتوا في هذا الاقتراع الذي يخص فقط المنتخبين المحليين في المجالس البلدية والولائية، إما وضعوا أوراق بيضاء في صندوق الاقتراع أو سجلوا عليها كتابات وما شابه ذلك، الأمر الذي جعلها أوراقا ملغاة غير محسوبة في فرز الفائزين. ويعتبر عدد الأصوات الملغاة كبيرا جدا (2376) مقارنة بحجم الهيئة الناخبة التي لا يتجاوز عددها 26895 منتخب، وهو ما يعكس حالة من التذمر وسط المنتخبين الذين لم يقنعهم زملاؤهم المرشحون وليست لهم أي ثقة فيهم، أو أنهم لم يستوعبوا كيفية التصويت، بدليل تصويتهم بورقة ملغاة في نهاية المطاف. وحتى وإن بلغت نسبة المشاركة في اقتراع 29 ديسمبر الفارط الخاص بالتجديد النصفي لمجلس الأمة نسبة 89,93 بالمائة، وهو رقم مغر مقارنة بنسبة المشاركة في التشريعيات والمحليات الماضية التي لم تتجاوز ال 50 بالمائة، غير أنها تكشف أن ظاهرة العزوف أو المقاطعة أضحت ملازمة لكل المواعيد الانتخابية مهما كانت أهميتها ودرجة المشاركين فيها، ما يقتضي دراسة هذه السلوكيات الانتخابية عن قرب، خصوصا من قبل وزارة الداخلية المسؤولة عن مجريات العملية الانتخابية عموما.