قلق ورعب يسودان دولا غربية من قيام جماعات مسلحة مقربة من تنظيم القاعدة بهجمات انتقامية على الأجانب في مدينة بنغازي الليبية، حسب تقارير استخباراتية تفيد بوجود سيناريو لهجوم محدد ووشيك على الغربيين في بنغازي، وهو ما دفع كلا من بريطانيا وألمانيا وهولندا لإصدار تحذير لرعاياها في هذا الشأن، قبل أن تلتحق أستراليا بهذه الدول، ما أثار تحفظات ليبيا. تركيز الدول الغربية على مدينة بنغازي دون غيرها من المدن الليبية التي تعرف هي الأخرى انفلاتا أمنيا وتوترات أمنية وقبلية من حين إلى آخر، يعود إلى عدة عوامل، أبرزها أن بنغازي تعد معقلا للجماعات المسلحة الأكثر تشددا في ليبيا، وتاريخيا ولدت أول جماعة إسلامية مسلحة مناهضة للحكم في بنغازي، وكانت تسمى الجماعة الليبية المقاتلة، وكانت لهذه الجماعة صلات مع تنظيمات دولية كالقاعدة بقيادة أسامة بن لادن والجماعة الإسلامية المسلحة في الجزائر، وخلال الثورة الليبية شارك أفراد هذه الجماعة بشكل ملحوظ في القتال ضد القذافي، وبعد الثورة أصبح لهذه الجماعات كتائب مسلحة ومنظمة ومزودة بأسلحة وصواريخ مضادة للطائرات، بل حتى أسلحة ثقيلة مثل الدبابات. واستفادت هذه الجماعات من الانفلات الأمني وانتشار السلاح لفرض منطقها في ليبيا، وكان من نتائج ذلك مقتل أربعة أمريكيين من بينهم السفير في ''مظاهرات مسلحة''. وفي تحد واضح لسلطة الدولة، وقعت عدة اشتباكات بين هذه الجماعات وأفراد من الشرطة والجيش، بل وهاجمت جماعات مسلحة في بنغازي مراكز للشرطة من أجل تحرير معتقلين من رجالها، بل واختطاف واغتيال ضباط في الشرطة والجيش، ما جعل الاحتكام لمنطق القوة يسبق الاحتكام لسلطة القانون. الحكومة الليبية بأجهزتها الأمنية والعسكرية وجدت نفسها عاجزة عن مواجهة هذه الجماعات المسلحة المنفلتة، وبدل أن تحمي الشعب، احتمت هي بالشعب، ونظم مدنيون ليبيون مظاهرات في بنغازي بإيعاز من ضباط في الشرطة والجيش ضد فوضى السلاح والانفلات الأمني، وتم حرق مقرات لجماعات مسلحة وحتى لكتيبة تابعة للجيش يقودها إسلاميون، لكن هذا لم يحل المشكل، خصوصا مع ظهور دعوات في بنغازي إلى نظام فيدرالي تتمتع فيه بنغازي وإقليم الشرق بلامركزية في التسيير وربما بحكم ذاتي حسب بعض المتشددين. وفي ظل هذه الفوضى الأمنية التي كادت تودي بحياة وزير الدفاع لدى زيارته لمطار طبرق بالقرب من بنغازي، وانتشار تنظيمات مقربة فكريا من القاعدة وتفرعاتها، أصدرت الدول الغربية وعلى رأسها بريطانيا هذا التحذير لرعاياها لمغادرة بنغازي. هذه التحذيرات أثارت استغراب طرابلس، حيث قال جمعة عتيقة، نائب رئيس المؤتمر الوطني العام، ''إنه طلب غير مبرر ويوحي بأمور غير موجودة على الأرض''. أما وكيل وزارة الداخلية الليبية، عبدالله مسعود، فاعتبر أن التحذير البريطاني بوجود تهديد ''محدد ووشيك'' ضد رعايا غربيين في بنغازي بشرق ليبيا ''لا مبرر له''، مضيفا: ''نحن نستغرب هذا البيان وليس هناك معطيات تبين هذه الشكوك''.