من عظيم دلائل النُّبوة وخوارق العادات الّتي آتاها اللّه عزّ وجلّ نبيَّهُ صلّى اللّه عليه وسلّم، ورآها أصحابه، ''حنين الجذع'' الّذي كان يخطب عليه، فقد حنَّ الجذع شوقًا إليه، وألمًا من فراقه، وقد ورد ذلك، كما قال الحافظ ابن كثير من حديث جماعة من الصّحابة بطُرق متعدّدة تفيد القطع. عن جابر بن عبد اللّه -رضي اللّه عنه- أنّ النّبيّ -صلّى اللّه عليه وسلّم- كان يقوم يوم الجمعة إلى شجرة أو نخلة، فقالت امرأة من الأنصار، أو رجل: يا رسول اللّه: ألاَ نجعل لك منبرًا؟ قال: إن شئتم، فجعلوا له منبرًا، فلمّا كان يوم الجمعة دفع إلى المنبر، فصاحَت النّخلة صياح الصّبي، ثمّ نزل النّبيّ، صلّى اللّه عليه وسلّم، فضمَّهُ إليه يئن أنين الصّبي الّذي يسكن، قال: كانت تبكي على ما كانت تسمع من الذِّكْرِ عندها''، رواه البخاري. وفى رواية، من حديث ابن عباس رضي اللّه عنه، قال صلّى اللّه عليه وسلّم: ''ولو لم أحتضنه لحنَّ إلى يوم القيامة''، رواه أحمد. قال الحافظ ابن حجر في الفتح: ''.. عن الشافعي قال: ما أعطى اللّه نبيًّا ما أعطى محمّدًا، صلّى اللّه عليه وسلّم، فقلتُ: أعطى عيسى إحياء الموتى، قال: أعطى محمّدًا حنين الجذع حتّى سُمِعَ صوته، فهذا أكبر من ذلك''.