أمّ هانئ ابنة عم النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم، وأخت الإمام عليّ رضي اللّه عنه. وهي من راويات الحديث، وقد روت عن النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم 46 حديثًا. وتكنّى أمّ هانئ رضي اللّه عنها. كانت رضي اللّه عنها متزوجة من هبيرة بن وهب المخزومي، وكان شاعرًا، وقد ولدت له أربعًا من الذكور: عمر، هانئ، يوسف وجعدة. وهي من فضلى نساء عصرها، تأخَّر إسلامها إلى يوم فتح مكة في رمضان سنة ثمان للهجرة. كان النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم قبل البعثة قد تقدّم لعمِّه أبي طالب ليخطبها لنفسه، إلاّ أنّ عمّه أبو طالب زوّجها لهبيرة بن أبي وهب، فقال له النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم: ''زوّجت هبيرة وتركتني''؟ فقال له عمّه: يا ابن أخي، إنّا قد صاهرنا إليهم، والكريم يكافئ الكريم. ويوم فتح مكة، دخل النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم منزلها وصلّى فيه ثمان ركعات الضُّحى، بعد ذلك لجأ إليها الحارث بن هشام مستجيرًا بها، فدخل عليها أخوها عليّ رضي اللّه عنه، وأخبرته خبر الحارث بن هشام، فنهض عليّ رضي اللّه عنه وهرع إلى سيفه فاستلَّهُ من غمده ليقتل الحارث، فقالت له: يا ابن أمّ، إني قد أجرته، وعندما لم يسمع كلامها وثبت إليه وقبضت على يديه وأحكمت قبضتها عليه، بحيث لم يعد يستطع أن يرفع قدمه عن الأرض، أو يفلت يده منها، وقالت: واللّه لا تقتله وقد أجرته، وفي هذه الأثناء وهما بين مدّ وجزر، إذ دخل عليهما النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم، وعندما رأت رضي اللّه عنها النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم قالت: يا رسول اللّه! ألا ترى أنّي أجرت الحارث بن هشام، وعليّ يريد قتله، فردّ عليها صلّى اللّه عليه وسلّم: ''قد أجرنا مَن أجرتِ، ولا تغضبي عليّا، فإنّ اللّه يغضب لغضبِه، خلّي سبيله وأطلقي سراحه''. وبعدما امتثلت لأمر النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم، قال عليه الصّلاة والسّلام لعليّ رضي اللّه عنه ممازحًا إيّاه: يا عليّ، غلبتك امرأة! فاعترف عليّ بصلابة وقوّة ورباطة جأش أخته أمّ هانئ رضي اللّه عنهما وقال: والله يا رسول اللّه ما قدرتُ أن أرفع قدمي من الأرض، فضحك النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم لقوله رضي اللّه عنه..