تدلُّ قِلَّة الرّحمة بالمسلمين والشّفقة عليهم على قساوة القلب، وعلى الفَظاظة والغِلظة، وكلّ ذلك مذموم وقبيح، وقد قال عليه الصّلاة والسّلام : “ارحَم من في الأرض يَرحمك من في السّماء” أخرجه الترمذي من حديث عبد اللّه بن عمرو بن العاص رضي اللّه عنهما، وقوله صلّى اللّه عليه وسلّم: “ارحم تُرحم، وإنّما يرحم اللّه من عباده الرّحماء”، أخرجه البخاري من حديث جرير بن عبد اللّه. قال عليه الصّلاة والسّلام: “لا تُنزَع الرّحمة إلاّ من شَقي”، أخرجه الترمذي وأحمد من حديث أبي هريرة رضي اللّه عنه وقال: حديث حسن، ومَن لم يجد في قلبه رحمة وشفقة على جميع المسلمين، سيما على أهل المصائب والبلايا، وأهل الضّعف والمسكنة، فذلك لقساوة قلبه وضعف إيمانه وبعده عن ربّه. وأمّا سوء الظنّ بالمسلمين، فمذموم قبيح، ومعنى سوء الظنّ بالمسلمين أن تظنّ بهم السوء في أقوالهم وأفعالهم الّتي ظاهرها الخير، وتظنّ بهم خلاف ما يظهرون من ذلك، وهذا غايته. وأيضًا أن يُنزل أفعالهم وأقوالهم الّتي تحتمل الخير والشرّ على جانب الشرّ، مع إمكان تنزيلها على جانب الخير، فذلك من سوء الظنّ أيضًا، ولكنّه دون الأوّل، وحسن الظنّ بالمسلمين خلاف ذلك كلّه، فما كان من أفعالهم وأقوالهم ظاهره الخير حملته على الخير، وظننت فيهم الخير، وما كان من الأقوال والأفعال يحتمل الخير وغيره نَزَّلته على الخير، فاعمل على ذلك جهدك، واستعن باللّه تعالى.