تضاعفت الطوابير، نهار أمس، عند مداخل محطات الوقود في كل ولايات غرب البلاد، حيث سجلت ندرة كلية لمادة "المازوت"، كما لوحظ صباح أمس خاصة في ولاية وهران، التي لم يقرر واليها تسقيف التوزيع كما فعل زميله والي تلمسان. على خلاف تطمينات مؤسسة ”نفطال” عبر وكالة الأنباء الجزائرية، فإن أزمة الوقود بمختلف أنواعه مازالت مستمرة في غرب البلاد، ومازالت الطوابير تصنع المشهد داخل المدن وفي الطرقات الولائية والوطنية. وأكثر من تضرر من هذه الأزمة، الفلاحون الذين يباشرون حملة الحصاد والدرس وكذا أصحاب الشاحنات وحافلات نقل المسافرين. فقد ذكرت مؤسسة ”نفطال” عبر بيان نشرته وكالة الأنباء الجزائرية، أمس الأول، أن الأزمة تم التحكم فيها عن طريق تكثيف عمليات تموين محطات الوقود. ووعدت بأن الأمور ستعود إلى طبيعتها بداية من يوم السبت. إلا أنه لا شيء من ذلك تحقق. وبررت ”نفطال” أن سبب الأزمة يعود إلى ارتفاع الاستهلاك بنسبة 20 في المائة، نظرا لزيادة عدد السيارات وكثافة الاستهلاك هذه الأيام، بسبب تنقل العائلات لقضاء عطلهم الصيفية. إلا أن الواقع يفيد بأن الغالبية الساحقة للعائلات في غرب البلاد مازالت في مدنها، ويقتصر التوجه إلى البحر على عطلة نهاية الأسبوع، وبنسبة ضعيفة، كما تم تسجيله على مستوى مختلف شواطئ الولايات الساحلية، حيث لم يشرع المواطنون في التنقلات الكبرى بسبب عدم صدور نتائج امتحانات نهاية السنة الدراسية، وكذا اقتراب شهر رمضان، ثم إن أحوال البحر وبرودة الجو لم تشجع العائلات على التوجه إلى البحر. وأفادت مصادر مؤكدة من داخل مجموعة سوناطراك بأن الأمر أكثر تعقيدا، فبالإضافة إلى كون فرعها ”نفطال” لم يضمن منذ استقلال البلاد إنتاج ما تحتاجه السوق الوطنية من وقود، فإن الشركة تجد صعوبات كبيرة في ”إيجاد ممون خارجي يعوض الكميات التي كانت تستوردها الجزائر من ليبيا”. وتفيد أرقام شركة ”نفطال” أن مركبي التكرير بأرزيو وسكيكدة، اللذين كانا يضمنان في بداية الألفية الماضية أكثر من 80 في المائة من حاجة السوق الوطنية، تراجع دورهما وصارت الجزائر ملزمة على استيراد ما قيمته ملياري دولار من الوقود بمختلف أنواعه. وهو الرقم الذي لا أحد يعرف إلى أين وصل، نظرا للتطورات التي حدثت في الجزائر ومحيطها. ومعلوم أن الجزائر استوردت سنة 2012 أكثر من مليونين ونصف المليون طن من الوقود، نظرا لتنامي الحظيرة المتنقلة من سيارات، شاحنات آليات أشغال عمومية وحافلات وغيرها. يضاف إلى ذلك ما أصاب ”الإطارات السامية لمجموعة سوناطراك من رعب”. حيث صاروا يرفضون ”مناصب التسيير” التي تفرض عليهم توقيع العقود والفواتير. وهو ما تسبب السنة الماضية في ”أخطر ظاهرة منذ تأسيس الشركة”، حيث لم تقم العديد من فروع الشركة بالتوقفات الضرورية من أجل الصيانة، كما هو مؤكد في مركب التكرير لأرزيو، وهذا بسبب عدم توفر قطع الغيار بفعل عدم إعداد ملفات الشراء. وهي العمليات التي تتم كلها مع الخارج. وتضيف مصادر على اطلاع بما يحدث في قطاع المحروقات في بلادنا أن أزمة وقود السيارات والمركبات في ولايات غرب البلاد، ليست سوى الشجرة التي تغطي الغابة. حيث لم تجد سوناطراك ووزارة الطاقة والمناجم ”من يقدم لها هدية” من متعامليها في الخارج، لمساعدتها على حل هذه الأزمة، وأن شركات عملاقة خاصة، ”بريتيش بيتروليوم” ”وتوتال” تعملان على العودة إلى سوق التوزيع في الجزائر، ”نظرا لكون هذا القطاع لا يفرض عليها استثمارات ثقيلة، ولكونه يدر أرباحا ضخمة، ويمكن أيضا من المشاركة في صنع السياسة الوطنية، من خلال التحكم في السوق الاستهلاكية”. ورغم أن قرار والي ولاية تلمسان بتسقيف التوزيع كاد يسبب أزمة اجتماعية في منطقة حساسة بأقصى غرب البلاد لولا تعقل سكان المناطق الحدودية، ورغم المتاعب التي سببتها الندرة لقطاع حساس آخر وهو الفلاحة في عز أزمة الوقود، إلا أن وزير الطاقة والمناجم مازال غائبا عن الميدان، على الأقل لطمأنة الناس.