لست بصدد التحريض لمنع أي مواطن جزائري من حقه الدستوري في الترشح لانتخابات رئاسة الجمهورية، لكني أفترض في من يعتزم الترشح لرئاسة جمهورية بلد بحجم قارة كالجزائر، قدرا من المسؤرولية، والسلوك السوي. أشعر أننا في بلد كثر فيه مجانينه أكثر من عقلائه، حين يعلن رئيس حزب لا يعرفه خمسة من الناس، كحزب التجمع الجزائري، علي زغدود، ترشحه للانتخابات الرئاسية، ويدعو المواطنين إلى تشكيل لجان خاصة لمساندته، وحين يعلن وزير سابق منتدب للخزينة العامة علي بن نواري المقيم في سويسرا منذ أكثر من عشر سنوات، من جنيف وعبر صحيفة سويسرية، نيته في الترشح لرئاسيات 2014، وحين يعلن الجزائري الفرنسي رشيد نكاز الذي لا يعرف خريطة الجزائر، ولم يبق في البلد، في مجموع ما بقي فيها، بضعة أشهر، وحين يعلن مستشار سابق لوزير، مهووس بالمسؤولية، حين يعلن هؤلاء نيتهم في الترشح لرئاسة الجمهورية، أشعر بالقنوط واليأس على بلد في حجم الجزائر بات الطامعون في رئاسته أكثر من الطامعين في رئاسة بلدية. أفهم ابتداء أن ترشح زغدود ونكاز ونواري وغيرهم سلوك بهلواني ودعابة إعلامية، لكني رحت في المقابل أفترض في هؤلاء حسن النية، وأقول في قرارة نفسي ما ألتمس لهم به العذر، فقد رأوا بالعين المجردة، بلدا كالجزائر يدار من مستشفى فال دوغراس، وتوقع مراسيمه الرئاسية في مركز للراحة المعطوبين “ليزانفاليد” في باريس، (وتصدر في الجريدة الرسمية)، ويسير عن بعد بالتعليمات (العهدة على وزير الخارجية مراد مدلسي)، وتفاخر حكومته بأن أوضاع البلد تسير على يرام، بلا تخطيط، ودون اجتماعات الحكومة، (بحسب الوزير الأول عبد المالك سلال). في هكذا حالة، من حق علي زغدود أن يعتقد أنه بإمكانه أن يصبح رئيسا للجمهورية، ما دامت صحته في أحسن الأحوال أفضل من صحة الرئيس بوتفليقة، وما دامت الجزائر قد أحدثت المحدث وسنت السنن، وقضت سنة برئيس غائب (من أفريل الماضي إلى أفريل المقبل)، ومن حق نواري أن يطمع في رئاسة الجمهورية من سويسرا، ما دام في البلد قابلية للتسيير عن بعد، ومن حق رشيد نكاز، الذي يبتغي رضوان الله بدفاعه عن المنقبات في فرنسا، أن يتطلع لرئاسة البلد، ما دامت عناية الله وبركات “الحاسي” تدير هذا البلد. أشعر بالعطش، وأشعر أننا في بلدة قاحلة سياسيا، ورحم الله امرئا عرف قدر نفسه.