في زاوية تشكّلت بين أحضان سلسلة جبليّة تمتدّ شامخة، معانقة ولايتي المديةوالبليدة، وجدت العائلات الجزائرية وخاصة البليدية ملجأً يقيها حرّ الصيف المتزامن وشهر الصيام، لتستظلّ تحت سفوح جبال “عنصر القردة” بالشفة والاستجمام بالشلالات العذبة للموقع الخلاب. "من زار منبع القردة غرق في حب فسيفساء الطبيعة ببهائها العذري”، هكذا لخّص أحد مرتادي المنطقة وصفه للمكان الذي عهد الارتياد إليه منذ الصغر. يقول مروان صاحب ال30 عاما التقته “الخبر” عند الشلال الذي صنع مسبحا طبيعيا يستهوي فئة الأطفال، إنّ “المنطقة الواقعة على بعد 50 كيلومترا جنوب غرب العاصمة ونحو 15 كيلومترا عن مركز مدينة البليدة، تتربّع على عرش الجمال الرباني”. أما السيّدة زهراء فقالت إنها تستمتع بالجلوس في ثنايا السكون الساحر والهواء المعطر بنسمات وادي منبع القردة، مضيفة أنّها اعتادت، منذ حلول شهر رمضان، على مرافقة زوجها إلى المكان وأطفالها الذين يفضلون السباحة بالوادي كلّما سنحت لها فرصة إتمام الأشغال المنزلية والطبخ في وقت مبكّر. وتشاطرها الرأي إيمان صاحبة العشرين ربيعا، فالمنطقة، حسبها، الوجهة المفضلة للكثير من العائلات وخاصة قاطني ولاية البليدة، لما تتمتع به من هدوء، خاصّة أنّ المنطقة تقع في وسط سلسلة جبلية تغزوها الأشجار التي تعطي المكان هواء طبيعيا، في حين يعتبرها الأطفال الصائمون مجالا لاستهلاك الوقت المتبقي للإفطار وهم يقضون وقتهم في السباحة تارة ومداعبة قردة الماغو المحميّة عالميا تارة أخرى، بإطعامها وهي تقفز على جنبات الوادي تشارك الزوّار متعة المكان مقابل ما يجودون به من أكلات، وهو ما وقفت عليه “الخبر” ساعات قليلة قبل موعد الإفطار، أعداد هائلة لعشرات السيارات اصطفت على جوانب الطريق الوطني رقم واحد انطلاقا من النفق الأول وإلى غاية واد المرجة الذي يفصل ولاية البليدة عن المدية، منهم من فضّل الاكتفاء بالتمتع بإطلالة من على الجسر، ومنهم من قصد المكان لغسل سياراتهم من المنابع المتدفقة من الصخور، خارقين بذلك لافتات تبرز مخاطر السلوك غير الحضاري، في حين لا يمكن لزائر وادي عنصر القردة أن يستغني عن قارورات يملؤها بالمياه العذبة، يروي بها ظمأه عند الإفطار.