حَسن آخر في الزّكاة من حيث التّحقيق بالتّطهير طهارة القلب من حبّ الدّنيا يبذل اليسير، فاليسير هو الواجب على سنن التّيسير، وهو بذل القليل من الكثير، قال تعالى في سورة محمّد: {ولا يَسْأَلْكُم أمْوَالُكم إنْ يَسْأَلْكُمُوهَا فَيُحْفِكُم تَبْخَلوا وَيُخْرِجَ أضْغَانَكُم} محمد:36-67. فالله سبحانه لطيف بعباده لا يسأل النّاس أن يبذّلوا أموالهم كلّها ولا يشقّ عليهم في فرائضه وتكاليفه لعلمه سبحانه بشحّ نفوسهم فطرة وخلقة. وهو لا يكلّف نفسًا إلاّ وُسعها وهو أرحم بهم من أن يُكلّفَهم بذلها كّلها فتَضيق صدورهم وتظهر أضغانهم.. وما ذكره الله تعالى من تطهير الصّدقة للمؤمنين يشمل أفرادهم وجماعاتهم، فهي تطهّر نفوس الأفراد من الذّنوب ومن أرجاس البخل والدناءة والقسوة والأثرة والطمع وغير ذلك من الرذائل الاجتماعية الّتي هي مثار التّحاسد والتّعادي والعدوان والفتن والحروب، وتزكّي أنفسهم أي تنمّيها وترفعها بالخيرات والبركات الخلقية والعملية حتّى تكون بها أهلاً للسّعادة الدنيوية والأخروية.