تواجه الجزائر وضعا حساسا فيما يخص مبادلاتها التجارية للسلع والخدمات خلال السنة الحالية، ما استدعى حكومة سلال إلى دق ناقوس الخطر وتجنيد وزارة المالية وهيئات المراقبة لضبط التحويلات المالية، وتحجيم الممارسات غير الشرعية التي ساهمت في إحداث نزيف في الموارد المالية، خاصة وأنه يرتقب بلوغ فاتورة الواردات الإجمالية قرابة 61 مليار دولار هذه السنة، منها حوالي 11 مليار في مجال الخدمات.
نسبة النمو في الواردات هي الأعلى في السنوات العشر الماضية الحكومة عاجزة عن ضبط التوازنات المالية
حذر خبراء في الاقتصاد من الارتفاع القياسي للواردات الجزائرية من السلع والخدمات هذه السنة، وقدر دكتور الاقتصاد محجوب بدة أن تصل القيمة الإجمالية للواردات الجزائرية من السلع والخدمات 61 مليار دولار، وهو مستوى غير مسبوق سيساهم في تآكل العائدات التي ينتظر أن تقدر في حدود 70 مليار دولار. أشار الدكتور بدة أن نسبة النمو في الواردات قدر بحوالي 18% وهي من أعلى المستويات خلال العشرية الماضية، وبلغت قيمة الواردات معدل 4.7 مليار دولار شهريا، حيث فاقت قيمة الواردات خلال الفترة الممتدة ما بين جانفي ونهاية جوان 28.4 مليار دولار، كما قدرت قيمة واردات الخدمات بأكثر من 5.5 مليار دولار، وعليه فإن إجمالي الواردات هذه السنة سيكون في حدود 61 مليار دولار وهي أعلى قيمة تسجل على الإطلاق، ولاحظ بدة أن الفائض التجاري سيعرف انكماشا محدودا، ولن تتجاوز نسبة التغطية للصادرات مقابل الواردات ما بين 115 و120%، مقابل تسجيل نسبة تغطية ب158% عام 2012 و156% عام 2011. منبها أن التدابير التي يتعين اتخاذها يجب أن ترتكز على إحلال الواردات ورفع نصيب الصناعة التي لا تمثل سوى 5 إلى 6% من الناتج المحلي الخام، وتشجيع إقامة شبكة مناولة تقي الجزائر من استيراد كل المواد الأولية والمدخلات، لأن ما بين 70 إلى 80% من المدخلات والمواد الأولية للمؤسسات العمومية والخاصة مستوردة حاليا، وأخيرا يتعين امتصاص الموارد المالية المتداولة في السوق الموازية والتي تتراوح بين مليار و1.5 مليار دولار على أقل تقدير خارج نطاق المراقبة، “ودون ذلك فإننا لن ننجح في كبح جماح الواردات ولا نضمن مراقبة حركة رؤوس الأموال”. وشدد بدة على أن ميزان المدفوعات الجزائري سيعاني من اختلال هذه السنة بفعل الارتفاع الحاد لإجمالي الواردات من السلع والخدمات، حيث يتوقع أن تقارب واردات الخدمات أيضا هذه السنة مستوى 12 مليار دولار، ما سيضع التوازنات المالية في موقع حساس وحرج. مضيفا أن الميزانية العامة ستواجه ضغوطا جراء الزيادة المحسوسة في التحويلات الاجتماعية وكتلة الأجور أيضا، ما سيدفع الحكومة إلى اللجوء مجددا إلى الاستدانة الداخلية لضمان توازن الميزانية. في نفس السياق، لاحظ الخبير الدولي “جورج ميشال” أن التوازنات المالية للعديد من البلدان المصدرة للنفط ومنها الجزائر تعاني من تقلبات أسعار النفط، ولكن أيضا من الزيادة المحسوسة في الالتزامات الداخلية والنفقات، وهو حال دول مثل نيجيريا وإيران وليبيا التي تعتمد بنسبة كبيرة على المحروقات في بنية تجارتها الدولية، وتواجه الجزائر احتمالات الضغط على المدى القصير على ميزانية التجهيز لتفادي حدوث اختلالات كبيرة في الموازنة، وبالتالي تأجيل أو إلغاء بعض المشاريع على المدى القصير.