عن أبي هريرة رضي اللّه عنه أنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم قال: ”نزل نبيٌ من الأنبياء تحت شجرة فلدغَتْهُ نملةٌ، فأمر بجهازه فأُخرج من تحتها، ثمّ أمر ببيتها فأُحرق بالنّار، فأوحى اللّه إليه: فهلا نملةٌ واحدة؟” متفق عليه. وفي رواية لمسلم: ”فأوحى اللّه إليه أفي أن قرصتك نملة أهلكت أمّة من الأمم تُسَبِّح؟”. يعرض لنا النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم في هذا الحديث، قصّة نبيّ بُعث في الأمم السّابقة، جاءه العتاب الإلهيّ حينما أهلك قريةً كاملة من النّمل! كان هذا في يومٍ سار فيه ذلك النّبيّ الكريم عليه السّلام في بعض حاجته حتّى أضناه المسير، فنزل تحت شجرةٍ طلبًا للرّاحة وتجديد النّشاط، ثمّ جعل متاعه على مقربة منه. ويقدّر اللّه أن يجلس ذلك النّبيّ عليه السّلام فوق قريةٍ من قرى النّمل، فانطلقت إحداها مدفوعةً بغريزتها لتحمي مملكاتها، فكان أن قرصت النّبيّ قرصةً آلمته، إلى حدٍّ جعلت النّبيّ عليه السّلام يغضب غضبًا شديدًا، فلم يكتف بقتل تلك النّملة جزاءً على أذيّتها، بل أمر بإحراق القرّية كلّها. ويوحي اللّه عزّ وجلّ إلى ذلك النّبيّ عليه السّلام معاتبًا وموبّخًا: ألأجل نملةٍ واحدةٍ آذتك في نفسك، تُهلك أمّة كاملة تُسبِّح اللّه في غدوّها وعشيّها؟ ويبدو أنّ التّعذيب بالنّار كان جائزًا في الأمم السّابقة، فإنّ العتاب لم يقع في أصل القتل أو الإحراق، ولكن في الزّيادة على النّملة الواحدة، ثمّ استقرّ الأمر في شريعة الإسلام على حرمة التّعذيب بالنّار كما قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: ”لا يُعَذِّب بالنّار إلاّ ربَّ النّار” رواه أحمد، كما ورد النّهي عن قتل النّمل بخصوصه في حديث ابن عباس رضي اللّه عنهما أنّ النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم نهى عن قتل أربعٍ من الدّواب: النّملة والنّحلة والهدهد، والصُرَد– وهو نوعٌ من أنواع الطيور الجارحة-”، رواه أحمد.