لأول مرة في تاريخ أغنية الشعبي منذ 1946، وتجربة الحاج محمد العنقى، ومن بعده الفنانة القديرة فطومة أوصليحة التي تعتبر أول جزائرية قدمت فن الشعبي في الجزائر سنة 1959، قبل أن تسافر به إلى مسارح فرنسا تحديدا إلى مسرح "سوفاج" بباريس، تشكّلت مؤخرا فرقة نسائية جزائرية تقدّم هذا الفن العتيق وحققت به رواجا كبيرا في باريس التي تحمل روح الفنون الأصيلة، وعبق التاريخ الموسيقي العالمي، ليصدح الشعبي مجددا بصوت المرأة الجزائرية في شوراع الشونزيلي والأفنيو. نجحت ستة أصوات نسائية جزائرية في أن تعيد للأغنية الشعبية وهجها، من خلال تقديمهن لأغاني عباقرة الشعبي الجزائري، حيث يحضّرن هذه الأيام لإحياء عدد من الحفلات في فرنسا، وقد اكتست الأغنية الشعبية الجزائرية ثوبا أنثويا جزائريا متميزا تقدّمه الفنانة الجزائرية مالية سعدي، ابنة المغني حسيسن، والفنانة مريم بلدي وعبد العالي هند وأمينة كاردجا وسامية الديار وسميرة براهمية، وكل واحدة منهن من ولاية جزائرية مختلفة التقوا بالمغنية التونسية سيرين بن موسى في باريس لأداء روائع الحاج العنقى والهاشمي ڤروابي، وتقديم أصالة دحمان الحراشي. وقد التقت أصواتهن بتاريخ أحلام أول امرأة جزائرية لأغنية الشعبي في الحفلات التي كانت تقدّمها الفنانة القديرة فطومة أوصليحة زوجة المخرج الراحل محمد بوعماري سنوات الخمسينيات، قبل أن تقرر الاعتزال مؤخرا وقد نجحت في أن تقود إلى هذا الفن أجيالا كبيرة من الأصوات النسائية اللواتي حملن اللواء من بعدها، على غرار نادية بن يوسف التي كتب لها محبوباتي ألبوما كاملا، والفنانة نرجس التي أدت الشعبي سنة 1975، وأخيرا حسيبة عمروش التي صدر لها السنة الماضية ألبوم بطابع الشعبي. ويرجع الفضل إلى تأسيس هذه الكوكبة إلى الإعلامي المقيم في فرنسا مراد عاشور، الذي يؤكد، في تصريح ل«الخبر”، على أن الإرث الموسيقي لفن الشعبي غني بالأصوات الرجالية، ما دفعه إلى ابتكار هذه الفرقة النسائية من أجل إعطاء روح ونفس جديد للموروث الموسيقي الجزائري الذي حرص على الالتزام بكلمات الأغاني دون توقيع أي تعديلات، كما يقول مراد عاشور إن الفكرة لا تتعارض مع من قصة الشعبي المتجدد باستمرار ”بين الحداثة والتقاليد”. وتطورت فكرة الفرقة في ديسمبر 2012، من خلال تنظيم جلسات للأغنية الشعبية في باريس كل نهاية شهر، قبل أن تقود فكرة التجديد مراد عاشور إلى اقتراح تكوين فرقة نسائية للأغاني الشعبية، وكانت البداية مع لقاء المغنية مالية سعدي التي رحبت بالفكرة، وأطلق عليها فيما بعد اسم الشعبي ”أون فيمنيا” أي ”الشعبي بأداء نسائي”، وتزهو الفرقة ب«القصايد” ذات الطابع المحلي الجزائري، ومنها القصائد الجميلة الخالدة مثل ”سبحان اللّه يا لطيف” و«لحمام” و«يا الرايح” و«البراح” و«ألو ألو” و«نستاهل الكية” و«وين شفتو محبوبي”، التي قدّمها لهاشمي ڤروابي وعمر الزاهي وعمار عشاب وعبد القادر شاعو وبوجمعة العنقيس والعديد من الأصوات التي خلدت مسيرة الشعبي، وتقدّمها فرقة ”الشعبي في أداء نسائي” في عروض باريسية منفردة وثنائية وجماعية. وتحلم الفرقة بتقديم عرض في الوطن الأم لهذا الفن الأصيل، حيث يقول مراد عاشور إن الفرقة تتلقى عروضا لتقديم حفلات في كندا، والعديد من الدول الأوروبية، ولكن يبقى تقديم عرض في الجزائر هو حلم الفرقة الأول والأخير.