أفادت مصادر من قطاع الطاقة أن الجزائر ستشكل بديلا للخيارات المطروحة على مصر لتزويدها بالغاز الطبيعي المميع من بينها قطر التي تبقى أهم منتج للمادة، وأبدت استعدادا مبدئيا لدراسة تزويد القاهرة بكميات من هذه المادة الحيوية بعد أن تم استبعاد طلب سابق في صيف السنة الماضية. وتفيد نفس المصادر أن تلبية الطلب المصري ممكنة، بالنظر إلى تغير المعطيات التي كانت تحول دون القيام بذلك في جويلية 2013 حيث تم استبعاد قيام الجزائر بإمداد مصر بالغاز الطبيعي على المدى القصير، وتمت الإشارة إلى أن الالتزامات التعاقدية للجزائر يتم تغطيتها بما هو متوفر من كميات منتجة قابلة للتصدير، يضاف إليه تلبية الحاجيات الداخلية من الغاز المتزايدة سنويا. بالمقابل فإن إمدادات غاز البوتان المميع تعرف ارتفاعا لدرء النقص المسجل في هذه المادة في السوق المصرية. ويأتي ذلك في أعقاب بداية تحسن نسبي للإنتاج الغازي مقارنة بسنة 2013 التي كانت من أسوأ السنوات في مجال إنتاج الغاز على خلفية حادثة مركب الغاز بتيقنتورين، وتراجع صادرات الغاز الجزائري إلى حدود 55 مليار متر مكعب مقابل 63 مليار متر مكعب سابقا. وكانت مصر قد أعربت عن رغبتها في ماي 2013 في استيراد كميات من الغاز الجزائري، كما قامت بمفاوضات مع الدول المصدرة الأخرى لضمان إمدادات إضافية لتفادي أي نقص لهذه المادة، خاصة أن القاهرة تعاني دوريا من تقلبات ونقص في مواد طاقوية منها السولار ووقود التدفئة، رغم أنها دولة منتجة ومصدرة للغاز أيضا. وعادت مصر لتجدد الطلب نفسه، محبذة التوجه للجزائر التي تشكل إحدى أفضل البدائل بالنظر إلى تحسن العلاقات على محور الجزائر-القاهرة، مقابل توترها على محور القاهرةالدوحة، حيث تظل قطر من بين أهم البلدان المصدرة للغاز الطبيعي المميع بمخزونات تبقى الأهم في المنطقة. ويشير نفس المصدر إلى أن الجزائر التي لم تكن تتوفر على المدى القصير على فائض معتبر بدأت تستعيد توازناتها تدريجيا، وهو ما برز مع تحسن الإمدادات بالنسبة لدول أوروبية مثل فرنسا، ولكن أيضا يمكن أن تمتلك هامشا بالنظر إلى انكماش الطلب في السوق الأوروبية الذي يعاني من الأزمة، وبالتالي فإن إمكانية تزويد مصر متاح هذه السنة عكس السنة الماضية، ويمكن أن يتم ذلك على مدى الشهور المقبلة. بالمقابل تقوم الجزائر بضمان تزويد مصر بانتظام بغاز البروبان والبوتان المميع. وقامت الجزائر خلال سنتي 2012 و2013 بتدعيم صادراتها من غاز البوتان المميع بالخصوص، بالنظر للندرة التي تعرفها السوق المصرية بصورة دورية. وتعتبر الجزائر مع المملكة السعودية أهم مموني السوق المصرية بغاز البوتان المميع، حيث تزود الجزائر مصر بحوالي 500 إلى 600 ألف طن سنويا كمعدل، فضلا عن أكثر من 60 إلى 70 ألف طن من غاز البروبان المميع. علما أن الصادرات الجزائرية تساهم في تخفيف الضغط على السوق المحلية وتلبية الحاجيات المتزايدة لسوق يعرف نموا متزايدا سنويا، ورغبت مصر في الرفع من الكميات المصدّرة من الجزائر إلى مصر من المادتين أي غاز البوتان والبروبان المميع. وتواجه السياسة الطاقوية المنتهجة في مصر انتقادات من حيث عدم القدرة على تلبية حاجيات السوق المحلية خاصة من مادة السولار، وإبرام القاهرة لعقد طويل الأجل لتصدير الغاز المصري إلى إسرائيل بسعر تفاضلي يقترب من قاعدة الإغراق، لأن العقد الطويل الأجل الموقع في 2005 والممتد إلى 15 سنة يتضمن تزويد مصر إسرائيل بما مقداره 1.7 مليار متر مكعب من الغاز سنويا، ولكن السعر يظل أقل من معدلات الأسعار في السوق، رغم إعلان القاهرة عن توقيف الإمدادات الغازية في أفريل 2012 لخلافات تجارية، وكانت مصر قد اعتمدت سعرا متواضعا لا يتجاوز 1.25 دولار لمليون وحدة حرارية ما بين 2005 و2007، ثم عرف ارتفاعا في 2008، لكنه ظل بعيدا عن مستوى الأسعار المعتمدة من قبل مصر في تعاملاتها مع دول أوروبا والتي تتراوح ما بين 7 و10 دولار لمليون وحدة حرارية، وهو تقريبا مستوى أسعار الغاز الجزائري أيضا. وفي الوقت الذي تقوم فيه مصر بتصدير الغاز فإنها تستورد كميات مرتفعة، وبعد أن كان المعدل يصل إلى مليار متر مكعب سنويا، فإنها بلغت حدود 3.5 مليار متر مكعب، وهو تقريبا ضعف الكميات التي تصدرها مصر لإسرائيل و15 مرة حجم ما تصدره إلى الأردن المقدر بحوالي 250 مليون متر مكعب. وعلى هذه الخلفية، شرعت مصر في البحث عن الدول الكفيلة بتزويدها بالغاز كالجزائروقطر وروسيا، وإذا كان الخيار الروسي قائما، فإن البديل القطري مستبعد لتأزم العلاقات، بينما يمكن أن تكون الجزائر هي المفضلة في حالة تسوية إشكالية التسعيرة التي تبقى مرتفعة مقارنة بالسعر القطري.