أعلن رئيس الجمهورية، عبد العزيز بوتفليقة، في بيان عقب ترؤسه، أمس، مجلس الوزراء الأول في عهدته الرابعة، أن الأحزاب السياسية والشخصيات الوطنية والجمعيات ستتلقى، منتصف شهر ماي، اقتراحات التعديل التي خلصت إليها لجنة الخبراء، لتتم بعد ذلك دعوة الأطراف المتحاور معها إلى لقاءات مطلع جويلية لعرض ومناقشة آرائها. وقال بوتفليقة إن “وزير الدولة مدير ديوان رئاسة الجمهورية كلف بإدارة كامل عملية المشاورات تحت إشرافي، وهذه الاتصالات والاستشارات ستتم في كنف الشفافية حتى يتسنى للرأي العام متابعة مجرياتها”. وتابع الرئيس: “ولما يتم الفراغ من هذه المشاورات سيصاغ مشروع موحد لمراجعة الدستور، يأخذ في الحسبان آراء الشركاء في هذا الحوار واقتراحاتهم، وحينئذ سيخضع النص للإجراء المتعلق بمراجعة الدستور على أساس المادة 174 أو المادة 176 من الدستور الحالي”. وتنص المادة 174 من الدستور أنه “لرئيس الجمهورية حق المبادرة بتعديل الدستور، وبعد أن يصوت عليه المجلس الشعبي الوطني ومجلس الأمة بنفس الصيغة، حسب الشروط نفسها التي تطبق على نص تشريعي، يعرض التعديل على استفتاء الشعب خلال ال50 يوما الموالية لقراره”. أما المادة 176 فتنص على أنه “إذا ارتأى المجلس الدستوري أن مشروع أي تعديل دستوري لا يمس البتة المبادئ العامة التي تحكم المجتمع الجزائري وحقوق الإنسان والمواطن وحرياتهما، ولا يمس بأي كيفية التوازنات السياسية للسلطات والمؤسسات الدستورية، وعلّل رأيه أمكن رئيس الجمهورية أن يصدر القانون الذي يتضمن التعديل الدستوري مباشرة دون أن يعرضه على الاستفتاء الشعبي متى أحرز ثلث أرباع (3/4) أصوات أعضاء غرفتي البرلمان”. ورسّم رئيس الجمهورية، عبد العزيز بوتفليقة، دائرة سيتوجب على الأحزاب السياسية المعارضة النضال في نطاقها، من خلال تأكيده أن “الجزائريين والجزائريات لن يقبلوا بأن تتم الممارسة الديمقراطية خارج الضوابط والمؤسسات المنصوص عليها في الدستور، أو بعيدا عن السلوك السلمي الذي يفرض نفسه على الجميع، وهو الأدهى والأمر بنقيض الإرادة التي أعرب عنها شعبنا بكل سيادة”. وذكر رئيس الجمهورية: “مراجعة الدستور محطة هامة في حياة الأمة، وهي تستحق مشاركة كافة الفاعلين السياسيين في كنف احترام الاختلافات وحتى الخلافات، من حيث هي أمر مقبول في بلادنا التي تفتخر بالمستوى الذي بلغته بعد تعدديتها الديمقراطية”. وأضاف الرئيس: “ومن هذا المنطلق أغتنم هذه المناسبة لأجدد ندائي إلى الشخصيات والأحزاب السياسية، والمنظمات من أجل أن تسهم في الورشة ذات البعد الوطني هذه التي أرجو أن تفضي إلى مراجعة توافقية للدستور”. وأبرز بوتفليقة بأن لجنة الخبراء: “قامت بصياغة اقتراحات تعديل تتوخى تكييف الدستور مع المقتضيات التي يمليها التطور السريع لمجتمعنا والتحولات العميقة الحاصلة عبر العالم، وهذا بغاية تعزيز الديمقراطية التشاركية وتدعيم الحقوق والحريات الفردية والجماعية وتوطيد دولة الحق والقانون في بلادنا”. وأضاف الرئيس بوتفليقة في هذا الإطار أن التعديلات التي اقترحتها اللجنة ترمي “بشكل ملموس” إلى “تعزيز الفصل بين السلطات ودور البرلمان وتوطيد استقلالية القضاء وتأكيد مكانة المعارضة وحقوقها وتقوية ضمانات حقوق المواطنين وحرياتهم”. في المقابل، دعا رئيس الجمهورية، عبد العزيز بوتفليقة، المجتمع الجزائري إلى التحلي باليقظة ومساندة الجيش الوطني الشعبي والقوات الأمنية في تصديهما للإرهاب، وذلك جراء عملية إحباط محاولة اختراق إرهابي خاضها الجيش في ناحية تينزواتين بتمنراست والتي ما زالت متواصلة إلى حد الآن. وأكد الرئيس بوتفليقة، بصفته أيضا القائد الأعلى للقوات المسلحة، بأن “هذا الاعتداء الخارجي الجديد يستوقف المجتمع برمته ويوجب عليه التحلي ببالغ اليقظة ومساندة الجيش الوطني الشعبي والقوات الأمنية في تصديهما للإرهاب المقيت”. وأكد رئيس الدولة، في اجتماع مجلس الوزراء، أنه “سيتعين على السلطات العمومية إجراء سباق حقيقي مع الزمن لصياغة ما يكفل الاستجابة لانتظارات الساكنة، ولاسيما فئة الشباب منها، وبناء اقتصاد متنوع وتنافسي ضمانا لنمو أفضل ولديمومة التنمية الوطنية وسياسة العدالة الاجتماعية”. وركز الرئيس توجيهاته للحكومة على بعض المسائل التي أكد “صفتها الاستعجالية”، وهي “ترقية رشاد الحكم ومكافحة البيروقراطية وتحسين الخدمة العمومية، التي ينبغي أن تتجند لها قطاعات النشاطات برمتها”، فضلا عن “وقاية الأموال العمومية من كل إهدار وتبذير ومكافحة الفساد وكافة أشكال الإضرار بالاقتصاد الوطني”. وأعطى بوتفليقة تعليمات بالشروع في التقسيم الإقليمي الجديد، بإيلاء الأولوية في السنوات الأولى لمناطق الجنوب والهضاب العليا، “حيث يفرض عامل المسافات التعجيل بتقريب الإدارة الإقليمية من المواطنين التابعين لدائرة اختصاصها”. ودعا رئيس الجمهورية إلى “التعجيل بتنصيب سلطة ضبط السمعي البصري وسلطة ضبط الصحافة المكتوبة”، واقتصاديا طلب “اتخاذ جميع الإجراءات الضرورية من أجل التحكم في السوق الداخلية وتموينها وضبطها، وكذا التحسب لشهر رمضان المعظم والفترة الصيفية، ومواصلة مفاوضات انضمام الجزائر إلى منظمة التجارة العالمية بالسهر على حماية مصالح الاقتصاد الوطني”.