سيقدم الوزير الأول عبد المالك سلال مخطط حكومته الثالثة للمناقشة في اجتماع الحكومة قبل إنزاله إلى البرلمان، دون أن يقدم حصيلة نشاط حكومته الثانية بما تفرضه المادة 84 من الدستور، بينما تعتبر تشكيلات سياسية "قفز" سلال على حصيلة حكومة ما قبل العهدة الرابعة بمثابة "دوس على الدستور" وإهانة لنواب البرلمان. الأمر ليس بالجديد بالنسبة لمنظومة حكم لا تعتبر أن “تقديم الحساب للشعب” مسألة “مقدسة”، خاصة إذا كان هذا الشعب منح ثقته مجددا لرئيس يباشر عهدة رابعة وعين وزيرا أول بدَّل 3 حكومات كاملة ولا حكومة واحدة منها قدمت حصيلتها، مع أن الوزير الأول عبد المالك سلال أكد خلال خرجاته الماراطونية إلى الولايات، والتي وصفت لدى المعارضة ب “حملة انتخابية مسبقة” قبل استحقاق 17 أفريل، أنه سيعرض حصيلة حكومته، كما سيعرض حصيلة الرئيس بوتفليقة طيلة عهداته الثلاث، على أن يتم ذلك قبل شهر جانفي 2013. لكن شهر جانفي انقضى وانتظمت انتخابات وفاز بوتفليقة بعهدة رابعة وسلال لم يقدم حصيلة نشاط حكومته الأولى ولا الثانية، بينما اجتمع بطاقمه الجديد الأحد الماضي وناقش مخطط حكومته الثالثة، في انتظار عرضه على مجلس الوزراء لمناقشته ثم المصادقة عليه في الأيام المقبلة، ليلي ذلك إنزاله إلى الغرفة البرلمانية السفلى لمناقشته من قبل النواب. قبل ذلك، يفرض الدستور على الوزير الأول تقديم بيان سياسته العامة، طبقا للمادة 84 قبل عرض المخطط الجديد للحكومة، لكن هذا لم يحدث، ويصلح لوصف هذا التجاوز بالمصيبة كما نعته القيادي في “جبهة العدالة والتنمية لخضر بن خلاف ل “الخبر”، ويقول إن “الحكومات المتعاقبة تذهب ولا تقدم الحصيلة، وقد نذرت نفسها لتطبيق برنامج الرئيس”، ولاحظ بن خلاف أن “كل حكومة تأتي تضع العداد في نقطة الصفر وتبدأ ولا تقدم حصيلة عملها مثلما يحصل حاليا”، وبالنسبة لعبد المالك سلال وبغض النظر عن المسألة الدستورية، كان يفترض أن يقدم حصيلة الحكومة السابقة لأنها عملت في إطار عهدة انتخابية انقضت، وأمامه حكومة تنشط في إطار عهدة رئاسية جديدة يقدم فيها برنامجه على الأقل من الناحية الأخلاقية، وهذا بغض النظر عن الدستور الذي يفرض تقديم بيان السياسة العامة سنويا وإلزاميا. لكن بن خلاف يعتبر أننا “في زمن لا قيمة فيه للمؤسسات (البرلمان) وقد تم إضعاف الهيئة التشريعية وأصبح النواب موظفين يتقاضون منحة الهاتف والإيواء، كما يتقاضون رواتبهم دون تسديد الاشتراكات القانونية كما يفعل العامل البسيط، فكيف لهؤلاء النواب أن يفرضوا على الحكومة تقديم حصيلة عمل الحكومة وهم لا يفكرون إلا في المنح التي تقدم لهم تحت الطاولة”. وكيف ستتعاملون مع مخطط الحكومة الجديدة؟ يجيب بن خلاف “سندرسه ونسجل ملاحظاتنا وسنركز على القطاعات التي شهدت فسادا وسنطلب من الحكومة توقيف مصاصي دماء الجزائريين، وسنطالب بمعلومات حول المال العام الذي وزع في الحملة الانتخابية المسبقة لسلال دون الرجوع إلى المؤسسات”. أكثر الأحزاب مطالبة بتقديم الحصيلة حزب العمال، وفيما يتعلق بمخطط الحكومة الجديد دون تقديم حصيلة الحكومة السابقة، يقول جلول جودي القيادي في الحزب إن “الأمينة العامة للحزب طلبت من الرئيس بوتفليقة عندما التقته أن يجري تقديم حصيلة عمل كل قطاع، وقانونيا ودستوريا يجب أن تقدم الحصيلة كل سنة، لكن يظهر أننا متجهون إلى إقرار مخطط حكومة آخر دون عرض حصيلة البرنامج السابق”، وأكد جودي مشاركة نواب العمال في مناقشة المخطط الجديد، “وسنركز على النقائص بما هو موجود”. مسألة “خرق الدستور” لا يختلف عليها اثنان لما يتعلق الأمر بإغفال تقديم حصيلة حكومة سابقة، حيث يعتبر رئيس الكتلة البرلمانية لجبهة القوى الاشتراكية شافع بوعيش أن “الحكومة لا تحترم الدستور وكنا عبرنا عن موقفنا، فتغيير حكومي قد تم ورحل وزراء من الحكومة ولا أحد قدم حصيلة عمل قطاعه، فالمخطط الجديد سوف يكون ناقص المصداقية، ونحن سنجتمع في الكتلة وفي قيادة الحزب لنقرر موقفنا وإن كنا سنشارك في مناقشة مخطط الحكومة الجديدة لكن بتحفظ”. واستبق يوسف خبابة رئيس الكتلة البرلمانية لتكتل الجزائر الخضراء إلى التأكيد بأن أحزاب التكتل “سجلت تحفظا بخصوص عدم عرض حصيلة عمل حكومة سلال الأخيرة”، ويقول خبابة ل “الخبر”: “كثرت المخططات في غياب بيانات السياسة العامة، هذا انتهاك للدستور فهم يأخذون من الدستور ما يرضيهم ويبقون على ما يرضيهم”، وأكد المتحدث “سنجتمع الأسبوع المقبل وسوف نتخذ موقفا بخصوص هذه القضية. هناك نظام متغول لا يعير اهتماما لمؤسسة البرلمان”.