دفعت السلطات العراقية مع اقتراب ذكرى العاشر من عاشوراء بحشد من قواتها العسكرية بهدف "تطهير" مناطق جنوببغداد لتأمين طريق الزوار الشيعة الى مدينة كربلاء المقدسة، وتعتزم نشر عشرات آلاف رجال الامن لمحاولة حمايتهم هذه السنة من الخطر المتزايد الذي يمثله تنظيم "الدولة الاسلامية". وتأمل السلطات ان يحول ذلك دون تكرار التفجيرات الدموية التي أودت بحياة مئات الزوار خلال الاعوام الماضية، لا سيما عبر الهجمات الانتحارية. وشكلت استعادة جرف الصخر وهي منطقة زراعية ممتدة على مساحة نحو 200 كلم بين محافظاتبغداد وبابل (جنوب) والانبار (غرب) وقريبة من الطريق بين بغداد وكربلاء، محوراً اساسياً في هذه الخطط. ويستخدم هذه الطريق مئات آلاف الشيعة لزيارة مرقد الامام الحسين في كربلاء. ويقول قائد عمليات الفرات الاوسط الفريق الركن عثمان الغانمي في تصريحات للصحافيين، ان جرف الصخر "كانت وكراً من اوكار الارهابيين لتفخيخ السيارات وتصنيع العبوات التي تستهدف كربلاء (110 كلم جنوببغداد) والحلة (95 كلم جنوب العاصمة) في موسم الزيارات الكبيرة". اضاف ان "تحريرها ساعدنا في تنفيذ الخطة الامنية هذا العام خلال ايام محرم الحرام وزيارة يوم العاشر"، مؤكداً ان "الطريق الرابط بين بغداد وكربلاء (...) بات اكثر اماناً في هذه الزيارة". ويقول ضابط برتبة عقيد في وزارة الداخلية العراقية لوكالة "فرانس برس" ان "تطهير جرف الصخر (...) يؤمن حماية اضافية للزوار"، اذ ان "طريق الحلة جرف الصخر هو الطريق الوحيد للزوار الى كربلاء". وبدأ الشيعة في العراق احياء مراسم شهر محرم الاحد الماضي، على ان تتوج بعد غد الثلثاء بمسيرات ضخمة داخل بغداد وكربلاء احياء لذكرى مقتل الامام الحسين، ثالث الائمة المعصومين. وتبلغ المراسم ذروتها في أربعين الامام بمسيرة ضخمة تضم مئات الآلاف، من بغداد الى كربلاء. وغالباً ما تعرض الشيعة لهجمات دامية خلال محرم وذكرى عاشوراء. وقتل العشرات من الزوار العام الماضي بسلسلة تفجيرات غالبيتها انتحارية، استهدفت المواكب العاشورائية وخيم العزاء في العاصمة ومناطق اخرى. وفي حين تبقى غالبية هذه الهجمات من دون تبن رسمي، يعتقد ان معظمها، لا سيما الانتحارية منها، يقف خلفها عناصر متطرفون من تنظيم "الدولة الاسلامية". ويقول العقيد في وزارة الداخلية ان "مستوى الخطر أعلى من السنوات الماضية. في السابق كان ثمة ارهاب، إلا انه لم يصل الى هذه الدرجة". ويضيف عميد في قيادة عمليات الفرات الاوسط لفرانس برس ان "الخطورة (...) هي حالياً اكثر من قبل. التهديد أكبر والتخطيط كان بحسب ما يتعرض له العراق". وتابع هذا العميد الذي فضل عدم كشف اسمه ان "خطورة التهديد وكيان داعش الارهابي، تجعل القطاعات الامنية تبذل المزيد" من الجهود لحماية المؤمنين الشيعة خلال هذه الفترة. وفي دلالة على هذا الخطر، قتل اكثر من عشرين شخصاً السبت في تفجير بشاحنة مفخخة عند نقطة تفتيش رئيسية في منطقة الدورة عند المدخل الجنوبيلبغداد، والواقعة على طريق الزوار الى كربلاء. كما قتل عشرة آخرون على الاقل في تفجير سيارة مفخخة امام خيمة عزاء حسينية في شرق العاصمة. وقال الفريق الركن عثمان الغانمي ان "خطة محرم الحرام يشترك فيها اكثر من 25 الف عنصر من الجيش والشرطة، اضافة الى 1500 مئة متطوع من الحشد الشعبي"، واضاف ان "الاعداد كبيرة هذا العام لكون التهديدات الارهابية كبيرة على العراق، والمعركة معركة اثبات وجود بيينا وبين عصابات داعش". وسينتشر هؤلاء العناصر مدعومين بأجهزة لكشف المتفجرات على الطريق بين بغداد وكربلاء، وفي داخل المدينة التي تشهد تجمعات ضخمة خلال محرم. على الرغم من ذلك، تبقى الهجمات المحتملة عامل قلق. ويقول العقيد "اغلب التفجيرات هذه السنة نفذها انتحاريون، وهذا يصعب السيطرة عليه".