إيتاء الزّكاة ركن من أركان الإسلام، قال تعالى: {وَأَقيمُوا الصّلاة وآتُوا الزّكاةَ} المزمّل:20. وقال صلّى الله عليه وسلّم: ”بُني الإسلام على خمس: شهادة أن لا إله إلاّ الله وأنّ محمّدًا رسول الله، وإقام الصّلاة، وإيتاء الزّكاة، وصوم رمضان، وحجّ البيت لمَن استطاع إليه سبيلاً” أخرجه البخاري ومسلم. فالزّكاة فرض واجب على المسلم الّذي ملك ما تجب الزّكاة فيه، وقد بلغ هذا الملك النِّصاب وحال عليه الحَوْل. أمّا حُلي المرأة المستعمل والمتَخذ للزّينة فلا زكاة فيه وهو مذهب جمهور العلماء ومذهب الإمام أحمد والإمام مالك والإمام الشافعي، وهو مروي عن خمسة من أصحاب رسول الله صلّى الله عليه وسلّم كلّهم يقولون: لا زكاة في حلي النّساء، واختار هذا القول ابن تيمية رحمه الله وتلميذه ابن القيم رحمه الله، وأدلّتهم على ما ذهبوا إليه ما ثبت في الصّحيحين من حديث أبي سعيد رضي الله عنه أنّ النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم أتى النّساء فوعظهنّ وقال: ”ولو من حُليّكنّ” أخرجه البخاري ومسلم، مثل قوله: ”اتّقوا النّار ولو بشقّ تمرة”، إذ لو كانت واجبة في الحلي لم يقل: ”تصدّقن ولو من حليّكنّ” فدلّ على أنّها لو تصدّقت بأثاثها أو ملابسها لأجزأها. والصّحابة الّذين ذهبوا إلى أنّه لا زكاة في الحلي المستعمل هم: عمر رضي الله عنه، وأنس رضي الله عنه، وعبد الله بن عمر رضي الله عنهما، وعائشة رضي الله عنها وغيرهم، فعبد الله بن عمر رضي الله عنهما كان يحلّي بناته الذّهب ولا يخرج زكاته، وعائشة رضي الله عنها وليت أمر بنات أخيها عبد الرّحمن بن أبي بكر ولم تزكّ ما كان عليها من حُلي. وقد روى عافية بن أيّوب عن ليث بن سعد عن الزّبير عن جابر رضي الله عنهم عن النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم: ”ليس في الزّكاة حلي” حديث ضعيف رواه الدارقطني. وقال العلماء لو كانت زكاة الحُلي فرضًا كسائر الصّدقات المفروضة لانتشرت فرضيتها في زَمن النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم ولفعلها الأئمة بعد النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم، وكلّ ذلك لم يقع. وقال الباجي في المُنتَقى شرح الموطأ هذا أي إسقاط الزّكاة في الحُلي - مذهب ظاهر بين الصّحابة وأعلم النّاس به عائشة رضي الله عنها، فإنّها زوج النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم ومَن لا يخفى عليها أمره في ذلك، وعبد الله بن عمر، فإنّ أخته حفصة كانت زوج النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم وحكم حليها لا يخفى على النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم ولا يخفى عليها حكمه فيه”. أمّا حُلي مَن ذهب وفضّة إن كان مُعدًا للادخار وللعارية، فإن بلغ النّصاب وهو خمس وثمانون غرامًا وزن العشرين دينارًا سابقًا، وحال عليه الحول وجب عليه الزّكاة.