تحدث رئيس حركة حمس، عبد الرزاق مقري، عن صراع أجنحة داخل النظام، وقالت حنون إن هناك مجموعة الأوليغارشية تحاول السيطرة على السلطة، وذهبت شخصيات في المعارضة للإعلان عن قناعتها بأن رسالة 19 مارس المنسوبة للرئيس ليست الأصلية، فيما ذهب محللون سياسيون إلى اعتبارها مؤشرا على عودة السجال بين المؤسسة السياسية والأمنية. فهل دخلت الجزائر مرحلة ”حرق الأوراق وخلطها”؟ رافقت دعوة لويزة حنون شقيق الرئيس للخروج عن صمته، تسريبات أشارت إلى أن هذا الأخير يحضر لتأسيس حزب يسنده في حرب الخلافة، وهو المعطى الذي سارع الأمين العام للأفالان، عمار سعداني، إلى اعتباره مجرد إشاعة، مشيرا أن الأفالان هو حزب السلطة فقط، حتى وإن كان الأفالان يعيش برأسين كل منهما يدعي الشرعية. نفي سعداني، وإن أسقط ورقة حزب شقيق الرئيس، غير أنه لم يمنع أحزابا محسوبة على السلطة، على غرار الحركة الشعبية الجزائرية والتحالف الوطني الجمهوري وتجمع أمل الجزائر، من عقد لقاءات مع بعضها وحتى مع أحزاب أخرى في الساحة تحت شعار ”التنسيق”، تحسبا ربما لما قد يطرأ من تطورات في الساحة الوطنية، أو لترك السفينة قبل أن تغرق، بالنظر إلى أن هذه الأحزاب لم تصل بعد إلى المرحلة التي يوحى إليها اتجاه توجه الرياح. ورافقت هذا السجال السياسي، تسريبات تحدثت أن التغيير الحكومي كان مقررا فعلا وحددت الأسماء منذ عدة أسابيع، قبل أن تسقط ورقته ويدخله الرئيس طي الكتمان مجددا، بسبب خروج عمار سعداني مبكرا للإعلان عنه، وتكون هذه اللدغة وراء اكتفاء سعداني، لما سئل عن موعد التعديل الحكومي والدستور، في لقائه الأخير بفندق الرياض، بأنه من ”صلاحيات رئيس الجمهورية”. ولا يمكن جعل السجال بين وزير الصناعة، عبد السلام بوالشوارب، وزعيمة حزب العمال، وتبادل إطلاق النار بينهما، أسقطت ورقة محاولة خوصصة مصنع ”سيغما” بڤالمة، بمعزل عن الترتيبات الجارية وسط محيط الرئيس حول التغييرات المرتقبة داخل الجهاز التنفيذي، خصوصا وقد سبقتها معطيات سعت إلى إضعاف الوزير الأول من خلال تحميله تبعات إدارة الغاز الصخري وإضراب المدرسة، على حساب تقوية وزراء آخرين مقربين من شقيق الرئيس. ولعل هذا وراء ما ذهبت إليه لويزة حنون من أن سلال يعاني من تعتيم إعلامي حتى في التلفزيون العمومي، وهو ما لم يفنده لا الوزير الأول ولا إدارة شارع الشهداء. وكانت رسالة الرئيس، بمناسبة 19 مارس، بمثابة القطرة التي أفاضت كأس الغضب من جهة السلطة ومن جانب الموالاة على حد سواء، فالرئيس أفرغ في رسالته ما في صدره عن خصومه السياسيين، وهو ما لم يقله منذ 15 سنة في الحكم، والمعارضة وجدت في مصطلحات لم تألف سماعها مؤشرا جديدا على ما تسميه حالة الشغور في الرئاسة. وبالمحصلة، أحرقت السلطة أوراقها مع العديد من شركائها السياسيين الذين اتهمتهم بسياسة الأرض المحروقة، فأصبحت السلطة، من منظور المعارضة، لا تمثل مصالح سوى فئة معينة من المستفيدين من ريعها، وفي المقابل وجدت المعارضة الحجة التي ظلت تتحينها للاستمرار في مقاطعتها لكل ما يأتي من السلطة، إلى درجة أن المعارضة انتقلت من عدم الاعتراف بشرعية الرئاسيات الأخيرة، مثلما ذهب إليه بن فليس، استنادا إلى تقرير الاتحاد الأوروبي، إلى التشكيك حتى فيما كانت تسميه ”سلطة الأمر الواقع”. وبذلك، لم تعد المؤسسات المنتخبة، وهي الخطوط الحمراء التي حاول بها سعداني اشتراط مشاركته في ندوة الأفافاس حول الإجماع الوطني، قائمة، فعندما تدعو حنون السعيد للخروج عن صمته، وتتحدث عدة أوساط عن تدخل رجل الأعمال علي حداد في الضغط على الوزراء، فهو مؤشر على دخول البلد في مرحلة صعود الأشخاص والأسماء وتراجع حضور المؤسسات، وهي مرحلة توصف بأنها بالغة الخطورة وبداية ”تفسخ”، حسب تعبير حنون، أركان الدولة.