حسب مواقع حدوث مثل هذه القضايا، فقد تبين بأن حوادث الاغتصاب وتحويل القصر باستعمال العنف تتمركز بالمناطق الحضرية لبلديات غرب ولاية الطارف، التي تصنف ضمن قائمة المناطق وطنيا التي تحتاج لتنمية اجتماعية واقتصادية عاجلة بفعل حالة الفقر التي يغرق فيها سكانها رغم موقعها الاستراتيجي والمزايا الطبيعية التي تحظى بها، إذ تنتشر فيها أعلى نسب الإجرام في الولاية خاصة ما تعلق بترويج المخدرات، في مقدمتها بلديات الذرعان، والبسباس، وشبيطة مختار والشط ب27 قضية. في حين تنفرد المناطق الريفية الحدودية المعزولة بالصدارة من حيث ارتكاب جرائم زنا المحارم بمجموع 6 قضايا، إلى جانب قضايا الخيانة والزنا والدعارة التي تسجل من خلال أوكار الدعارة التي قامت مصالح الأمن بمداهمتها في عدة عمليات. وإذا كان تحويل القصر والاغتصاب يرجع بالدرجة الأولى إلى تعاطي المخدرات من قبل المعتدين ونشأتهم في بيئة تشجع على الإجرام مع انتشار وسائل التواصل الإلكترونية وفي مقدمتها الهواتف النقالة والاستعمال السيئ لمواقع التواصل الاجتماعي التي أصبحت مصائد لاستمالة الضحايا من الفتيات القصر، فإن انتشار زنا المحارم في المناطق الريفية يرجع بالدرجة الأولى إلى انعدام التوعية في أوساط الشباب وخاصة الفتيات إلى جانب ضعف الوازع الديني وغياب الثقافة الجنسية. تقول الأخصائية النفسانية مريم قواسم ردا على سؤال ل”الخبر” حول الأسباب التي جعلت من بعض مناطق الطارف مسرحا لأفظع الجرائم الأخلاقية ضد الطفولة، إن “فعل الزنا مصنف ضمن علامات الانحراف الجنسي الناجم عن الكبت والصراعات النفسية التي تميز شخصية المتورطين في هذا النوع من الجرائم والتي تتلخص في تغيرات المزاج ذات الرغبات المضطربة”. وبالنسبة إلى الدكتورة قواسم، فإن مرحلة الطفولة تعتبر أهم مرحلة تؤثر على شخصية الإنسان وتحدد مستقبله السلوكي، إن كان سويا أو منحرفا، وذلك بسبب ما يتعرض له الطفل من صراع داخلي وكبت وتوتر وعدم إشباع عاطفي وكذلك العلاقة المزدوجة بينه وبين الأبوين، ما ينمي في نفسيته عقدة يصعب علاجها مع مرور الوقت. وتضاف الصفات السالفة الذكر إلى الفشل في التوافق الجنسي مع الطرف الآخر وعملية قمع الدافع الجنسي الذي يعمل على الظهور في فترات متقدمة من العمر، ويكون أكثر سلبية وعنفا إذا ما توفرت العوامل التي تشجع على ارتكاب الاغتصاب. أسباب كثيرة وراء الظاهرة وترجع قواسم سبب تفشي زنا المحارم في المناطق الريفية المعزولة إلى ضغوط العادات والتقاليد وضعف الرقابة الاجتماعية من قبل الأهل، إلى جانب غفلة العديد من الأولياء عن تلقين أطفالهم الثقافة الجنسية التي يلتقطونها فيما بعد من الشارع بطريقة مشوهة وهو ما أنتج مجتمعا تشيع فيه مثل هذه الانحرافات الأخلاقية. وعن انتشار هذه الانحرافات وسط الشباب، يقول مدير الديوان الوطني لمؤسسات الشباب في الطارف، إن تجميد الخط الأخضر الذي كان مخصصا لاستقبال هموم ومشاكل الشباب من قبل أخصائيين نفسانيين منذ حوالي 5 سنوات، فقدت بسببه آخر حلقة للتواصل مع الشاب وبالتالي لم يعد له متنفس ومرشد لإخراجه من حلقة الانحراف أو التبليغ عن الإساءة بالنسبة لضحايا العنف بمختلف أشكاله. كما أكد ذات المتحدث بأن إعادة فتح الخط الأخضر أضحى ضرورة حتمية لأجل حصر دائرة الانحراف من جهة وكذا معرفة اتجاهات الشباب وميولاتهم. تحرك مطلوب حسب قيادة الدرك الوطني، فإن مواجهة الاعتداءات الجنسية على الأطفال تحتاج إلى هيكل ميداني، وقد استدعى تصاعد وتيرة الجريمة التي يذهب القصر ضحية لها استحداث فرق للدرك خاصة بمعالجة قضايا الأحداث. وفي هذا الصدد، يقول المقدم عبد الحميد كرود، رئيس مصلحة الاتصال بقيادة الدرك الوطني، خلال ندوة عقدت أول أمس، بمناسبة اليوم العالمي للطفولة، إن الخريطة الإجرامية أظهرت مناطق تركز الجريمة وهو المعيار الذي تم على أساسه اختيار أماكن وجود هذه الفرق، مضيفا أن بعض الولايات لا يتم تسجيل بها قضايا جنوح القصر أو التعدي عليهم. وتشير الأرقام إلى تورط 3921 قاصر في جرائم خلال سنة 2013، بالإضافة إلى تسجيل 3600 من نفس الفئة كانوا ضحايا ومتعدى عليهم. وخلال الندوة نفسها، تم الإعلان عن تخرج ثالث دفعة لأعوان الوساطة الاجتماعية، الذين يرافقون الأحداث أثناء وجودهم في قضايا الإجرام سواء أكانوا ضحايا أم جانحين. واستحدثت قيادة الدرك فرقا لحماية القصر على مستوى 8 ولايات شمالية، من خلال تكوين 90 دركيا، كأول جهاز أمني يوضع كآلية تعامل خاصة مع الأحداث. ورد العقيد لالماس مصطفى، رئيس قسم الوقاية والأمن العمومي، على سؤال ل«الخبر” يتعلق بتركز الفرق الجديدة لحماية الطفل في الشمال فقط، أنه تم انتقاء أماكن إنشاء هذه الفرق الخاصة انطلاقا من معطيات تتعلق بكثرة الجريمة والكثافة السكانية، مضيفا أن تعميمها على باقي الولايات سيكون تدريجيا.