عند سؤال شخصيات كانت بالأمس القريب، تناضل بضراوة في حملة المترشح علي بن فليس خلال الرئاسيات، عن موقفها من إنشائه حزبا سياسيا، يرتسم جواب يكاد يكون موحدا من قبل الرافضين لهذا المسعى، مفاده “أننا ساندنا بن فليس كشخصية وطنية، لكننا محتفظون بانتماءاتنا لأحزابنا السياسية”. ويقول أحد أعضاء اللجنة المركزية للأفالان ممن جهروا بمساندتهم لبن فليس في الرئاسيات، تحفظ عن ذكر اسمه، أن “مسألة الانخراط في الحزب الجديد، قناعة شخصية بالنسبة للمناضلين، وهناك من اندمج في هذا الاتجاه خاصة من الإطارات الشابة التي نشطت الحملة الانتخابية، لكن البعض الآخر يفضل البقاء في حزبه لأنه ساند بن فليس كشخصية وطنية وليس كرئيس حزب سياسي”. وتثور منذ مدة شكوك حول وجود “صفقة سرية” بين أنصار بن فليس في اللجنة المركزية للأفالان والأمين العام الحالي للحزب عمار سعداني، غذتها قرارات هذا الأخير الذي أوعز منذ مدة بإحالة أعضاء في الجنة المركزية، إلى لجنة التأديب بحجة إساءتهم للحزب، ليس بينهم مساندو بن فليس في الرئاسيات، رغم أن المحالين على اللجنة كانوا من المنخرطين في توجه الحزب المساند للرئيس بوتفليقة. فهل تخلى أنصار بن فليس الذين يقدر عددهم بحوالي 34 عضوا في اللجنة المركزية عن مرشحهم السابق، في مقابل ضمان عدم معاقبتهم من قبل سعداني على خيارهم؟ هذا السؤال يجيب عنه عضو اللجنة المركزية، عباس ميخاليف، قائلا: “لا توجد بيننا وبين سعداني صفقة، وسبب عدم معاقبتنا أننا لم نخرق القانون الداخلي للحزب، فالمادة 36 واضحة وتقول إن اللجنة المركزية لا بد أن تجتمع وتزكي مرشح الحزب. معنى ذلك أن الأمين العام للحزب كان عليه أن يستدعي لجنة طارئة تختار المرشح، لكن هذه العملية تم تجاوزها لذلك اختار كل طرف مرشحه”. وحسب المعلومات الواردة من محيط على بن فليس، فإن اللجنة التقنية التي سهرت على إعداد القانون الأساسي للحزب، برئاسة وزير الخارجية السابق أحمد عطاف، قد انتهت من تحضير القانون الأساسي للحزب، ويتم حاليا فرز قائمة المؤسسين لإيداع الملف بوزارة الداخلية. وتكون هذه اللجنة من خالد دهينة، وهو عضو المجلس الدستوري سابقا، وعزوز ناصري رئيس سابق للمحكمة العليا، والقياديان في “الأفالان” عبد القادر زيدوك، وصليحة لعجال. ويتم تداول معلومات على نطاق ضيق، أن المقربين من بن فليس حتى من الذين ساهموا في صياغة القانون الأساسي للحزب، لا يرغبون في الظهور كقيادات في الحزب الجديد الذي اختير له اسم “تجمع مجتمع الحريات”. ويعلق عبد العزيز رحابي، الدبلوماسي السابق والمحلل السياسي، على ذلك بالقول أن هناك فئة من الذين ساندوا بن فليس كانوا من المتحزبين أصلا إلى جانب فئات أخرى من الدبلوماسيين والقضاة والعسكريين، وهؤلاء في العادة لا يرغبون في الانتماء للأحزاب السياسية. لكن ذلك حسب رحابي الذي كان مساندا لبن فليس في الرئاسيات، لن يؤثر على مشروع الحزب الذي سينشئه، بالنظر إلى الزخم الذي أحدثه في الانتخابات والالتفاف الشعبي حوله في ظرف 3 أشهر فقط، إلى جانب أن أكثر الجزائريين ليسوا من المتحزبين. واعتبر رحابي أن بن فليس وقع في حرج بعد الحملة الانتخابية، إذ لم يكن ممكنا أن يتنكر لهؤلاء الذين صوتوا له، فكان مجبرا سياسيا على إنشاء حزب يستوعبهم. وقال إن الانطباع السائد في الجزائر عن فشل الذين ينشقون عن أحزابهم الأصلية ويؤسسون أحزابا جديدة، هو نتيجة ثقافة سياسية تقليدية، وليس وليد تحليل منطقي لأن ما يحدث في البلدان المتطورة ديمقراطيا يثبت عكس ذلك.