أبان كل من حزب جبهة التحرير الوطني وجبهة القوى الاشتراكية، عن “تطابق” في وجهات النظر حيال العديد من القضايا الوطنية والإقليمية، بشكل ينسى فيه من حضر لقاء وفدي التشكيلتين السياسيتين أمس، أنه أمام مشهد يصنعه حزبان: واحد في المعارضة، وآخر في الموالاة، لعقود من الزمن. لم يكن عمار سعداني الأمين العام للأفالان بحاجة إلى تقديم “مؤسس” الأفافاس حسين آيت احمد، على أنه “من صناع الثورة”، لولا أن “غصة سياسية طويلة الأمد” حالت دون تقارب الأفالان كحزب سلطة، والأفافاس كحزب معارضة، الغصة التي يريدها سعداني أن تتوارى بمجرد ما قرأ امحند امقران شريفي عضو الهيئة الرئاسية للأفافاس، كلمة ظهر لسعداني أن مضمونها هو بالذات مضمون مواقف الحزب العتيد، لكنه بدا وكأنه اكتشف ذلك للتو، فقال لشريفي إن لقاء ثانيا سوف يجمع قيادتي الحزبين يوم الفاتح من نوفمبر بالذات، وحينها ربما سوف يعلن الأفالان عن قراره بالمشاركة أو عدمها في “ندوة الإجماع الوطني” للأفافاس الذي اختار الأفالان أول محطة له في سلسلة مشاورات مع الأحزاب بخصوصها، وكانت قيادة حزب “الدا حسين” أمس، ضيفا خفيف الظل على ما يبدو في بيت سعداني. قبل ذلك، لم يكن “تقارب الأفالان والأفافاس” صدفة في نظر سعداني، بعد وصفه الأفافاس بالحزب “العريق”، وعلى مرات، فضل سعداني مناداة الأفافاس بحزب “الدا حسين”، وهو قبالة امحند شريفي مباشرة، يترأسان وفدين على طاولة اجتماعات تشبه طاولة مفاوضات سياسية، ذكر خلالها من يقابله أنه راسل مرة الدا حسين ملتمسا ومناشدا إياه المشورة والنصح، والمشاركة “في الحراك الدائر بالجزائر”، ربما سعداني أرادها تذكيرا لقيادة الأفافاس الحالية أنه كان المبادر قبل عامين بطلب مشاورات لم تتم، لكنه هذه المرة المبادرة كانت من حزب آيت احمد، رأى فيها مسؤول الأفالان “دعما وتجسيدا للتقارب التاريخي الذي يجمع بين الحزبين، وتعزيزا للعلاقات الحميمية التي تربط الدا حسين بالرئيس بوتفليقة”. على هذا النهج، سار ممثل الأفافاس امحند شريفي الذي عاد إلى “التاريخ” لتبرير اختيار الأفالان (كان مبرمجا لقاء مع قيادة الأرندي في العاشرة صباحا من نفس اليوم، وتم تأجيله إلى ما بعد لقاء الأفالان لأسباب لم تذكر) أول محطة في سلسلة مشاورات “ندوة الاجتماع الوطني”. شريفي كان عفويا إلى أبعد الحدود، وحلف يمينا ومرات كمن يثق في نجاح أكيد لمبادرته على أن “المبادرة لو سارت بالطريقة المرتبة سوف نصل إلى نتيجة”، وسبق هذا اليمين شرح لمنهجية مبادرة (الإجماع الوطني) “تبدأ بخلق إطار لتقديم مقترحات الأحزاب دون انتقاد أو المغالاة في الحديث عن أزمة أو عرض كوارث نعيشها، وإنما مقترحات للمستقبل، وبعدما تتكفل مجموعة بتلخيص مجمل الاقتراحات، وسوف نجد أنفسنا متفقين على 70% مما طرح، والباقي نخلق له أطر أخرى للحديث حوله”، وبدا شريفي مهتما إلى أبعد الحدود بمعرفة “كيف ينظر الأفالان إلى الأمور، رغم توافقهما التام فيما يتعلق بمخاطر متأتية على الحدود، وما يسميه الطرفان “أكذوبة الربيع العربي” التي سبق أن تعرض لها آيت احمد في واحدة من مساهماته، ووجد سعداني فرصة لتذكير المعارضة ب “عدم التحرك خارج الأطر”، وكان بذلك قاصدا “تنسيقية الحريات والانتقال الديمقراطي” التي شارك الأفافاس في ندوتها الأولى بزرالدة، وشدد “سوف نقف بالمرصاد لكل من يهدد الوحدة الترابية”، لكن سعداني “الذي يعي ما يقول” أثار مخاوف في القاعة لما شدد “تمنراست في خطر والجزائر مقبلة على تدخلات خارجية.. أقولها دون مغالاة ولا تخويف”. كما قال عن المعارضة “كلامهم يتركز دائما على: هل الرئيس شرعي أم غير شرعي؟ وأنا أقول إن شرعية الرئيس لا غبار عليها”. بينما قال شريفي “آيت أحمد لطالما قال إن بيتي أولى من ابني، ووطني أولى من حزبي”.