فتحت مصالح الدرك الوطني بتيبازة، أمس، تحقيقا في قضية إقدام شاحنات تابعة لخواص بتفريغ أطنان من البطاطا الفاسدة بالقرب من مقبرة بلدية الشعيبة، على الطريق الرابط بينها وبين قرية بربيسة تيبازة، في الوقت الذي بلغ سعر الكيلوغرام الواحد منها 110 دينار بتيبازة و120 دينار في أسواق العاصمة، وطالب مواطنون السلطات الإدارية والأمنية بفتح تحقيق معمق في طريقة تفريغ هذه الكميات الهائلة التي قد يكون وراءها بارونات البطاطا من أجل الإبقاء على أسعارها الخيالية في السوق. وشاهد مستعملو الطريق الوطني الرابط بين قرية بربيسة جنوبا إلى مقر البلدية الأم الشعيبة، شمال شرقي ولاية تيبازة، شاحنات وهي تقوم بتفريغ أطنان البطاطا الفاسدة التي تكون قد تكدست في غرف التبريد من أجل الإبقاء على أسعارها الخيالية التي تتراوح حاليا في أسواق الولاية بين 90 إلى 110 دينار للكلغ الواحد. وأثار المنظر ذهول مستعملي الطريق المذكور وهم يشاهدون كميات هائلة من البطاطا وهي تفرغ بجانب الطريق، بعيدا عن الأماكن المخصصة لتفريغ النفايات، عوض أن تجد طريقها إلى السوق الذي ألهب جيوب المواطنين. ورجحت مصادر محلية أن يكون بارونات البطاطا وراء هذه العملية، من خلال تكديس كميات هائلة لتتعرض للتلف، خاصة وأن هذه المادة شهدت تراجعا في الأسابيع الماضية كانت وراء ارتفاع أسعارها وإحداث أزمة حقيقية بالنسبة لهذا النوع من الخضار، حتى على مستوى أسواق الجملة للخضر والفواكه من أجل فرض احتكار على هذه الأخيرة والتحكم في أسعارها، لاسيما وأن التخلص من هذه الكميات الكبيرة تم بطريقة غير قانونية وعشوائية وبعيدا عن أعين السلطات. ارتفعت أسعار مختلف المواد الغذائية في الأسواق، منذ بداية الشهر الجاري، ولم يقتصر الارتفاع على المواد غير الموسمية مثل الطماطم، وإنما تعداها إلى جميع المواد من خضر وفواكه، وخاصة بالنسبة لمادة البطاطا التي بلغت ال120 دينار في بعض المناطق. وحيال هذا، بقيت السلطات عاجزة عن التحكم في السوق أو إقرار إجراءات جادة من شأنها تخفيض الأسعار، خاصة وأن تطمينات كل من وزارتي الفلاحة والتجارة تعاكس تماما الواقع. ففي رده على سؤال حول ارتفاع الأسعار، قال وزير الفلاحة والتنمية الريفية عبد الوهاب نوري على هامش جلسة للأسئلة الشفوية بمجلس الأمة، نهاية الأسبوع الماضي، قال إنّ مصالحه عملت على تموين السوق الوطنية بما يزيد عن 300 ألف طن من البطاطا من أجل تلبية الطلب الوطني المتزايد على هذه المادة، مشيرا في الوقت ذاته إلى أن قطاع الفلاحة يمرّ حاليا بفترة ما بعد الإنتاج الموسمي، والتي تمتد بين موسم الإنتاج الصيفي وموسم الإنتاج الشتوي، وهو ما استدعى الاستعانة بالخضر والفواكه المخزنة في غرف التبريد لتغطية الطلب المحلي. كما صرح أن أطرافا أخرى لها علاقة مباشرة باستقرار أو ارتفاع الأسعار، في إشارة منه إلى ممثلي تجار الجملة والتجزئة. من جهته، أرجع وزير التجارة عمارة بن يونس في تصريح صحفي على هامش يوم دراسي حول التصنيع في البناء، السبب في ارتفاع الأسعار إلى قانون العرض والطلب، مؤكدا أن الأسعار تخضع لهذا القانون. فيما صرح رئيس المجلس الوطني متعدد المهن لشعبة البطاطا بشير سيراوي بالقول إن كميّة البطاطا التي كانت مخزنة في غرف التبريد تم إدخالها إلى السوق لتغطية الطلب على هذه المادة، وتحقيق الوفرة للمساهمة في خفض الأسعار، مفيدا بأنه لا دخل لوزارة الفلاحة في هذا الشأن. أما رواية التجار، فتأتي مناقضة تماما لهذا الطرح، فقد اتهم الاتحاد العام للتجار والحرفيين الجزائريين السلطات بسوء تسيير المخزون، وأوضح في بيان أصدره، أمس الاثنين، أن “الكمية المخزنة كانت غير كافية ولا يمكنها أن تستجيب للطلب المرتفع على مادة البطاطا”، مشيرا إلى قلة الإنتاج بالنظر لعزوف الفلاحين عن زراعة هذه المادة بعد الخسائر التي تكبدوها الموسم الماضي. ويعود ارتفاع الأسعار أيضا، حسب اتحاد التجار، إلى عدم إخراج البطاطا من المخازن في الأوقات المناسبة، فضلا عن توزيع هذا المنتوج خارج شبكة التوزيع المتعارف عليها وخارج أسواق الجملة الرسمية.