قررت، قبل أيام، مجموعة “سان غوبان” الفرنسية بيع أصول مؤسسة “ألفير” لإنتاج الزجاج بوهران لصالح مجموعة “أبولو” الأمريكية، فقد أعلنت الشروع في بيع فروع مؤسسة “فيراليا” المنتشرة عبر 13 بلدا، مقابل عرض مبدئي يعادل 2945 مليون أورو، في حين أنها اشترت أصول مؤسسة “ألفير” في إطار الخوصصة نهاية 2010 بمبلغ مالي زهيد حدد آنذاك ب5.04 مليون أورو فقط. تُلدغ الجزائر من الجحر نفسه الذي لُدغت منه قبل سنوات من قبل أوراسكوم للإنشاء، بموجب صفقة بيع أسهم مصنع الإسمنت لصالح شركة لافارج الفرنسية آنذاك. واللدغة هذه المرة من مجموعة “سان قوبان” الفرنسية، التي قررت بيع أصول مجموعة “فيراليا” التابعة لها، من بينها مؤسسة “ألفير” لإنتاج الزجاج بوهران، التي ظفرت بأصولها إثر صفقة تنازل طبقا للائحة المؤرخة في 2007، التي تم تجسيدها نهائيا نهاية 2010 بمقابل مالي تجاوز بقليل الخمسة مليون أورو. “سان غوبان” تجني الملايير على ظهر الجزائر وحسب البيان الذي نشرته مجموعة “سان غوبان” في موقعها الرسمي، فإنها تلقت عرضا أوليا من مجموعة “أبولو” الأمريكية لشراء فروع “فيراليا” بمبلغ يقارب الثلاثة آلاف مليون أور، ما يترك المجال واسعا لتخمين القيمة المالية الحقيقية التي ستباع بها مؤسسة “ألفير” بوهران، ضمن حظيرة مشكلة من 13 فرعا في العالم، والأرباح التي سيجنيها المتعامل الفرنسي في ظرف زمني قياسي لم يتجاوز الخمس سنوات، بعد أن نجح في الحصول على أصول شركة وطنية تمتد على مساحة 17 هكتارا في موقع جد استراتيجي، بغلاف مالي زهيد أثار معارضة شرسة من كل عمال المؤسسة وفرعها النقابي، وتسبب في حركات احتجاجية كبيرة استنكرت الصفقة وقيمتها دون جدوى، في ظل إصرار القائمين على العملية الممثلين في المجمع الصناعي للزجاج والمواد الكاشطة “إينافا”، وشركة تسيير مساهمات الدولة وإتمام الالتزام لصالح الجانب الفرنسي. والغريب في الأمر أن الأرباح الخيالية التي ستحققها مجموعة “سان غوبان” الفرنسية من صفقة بيع “ألفير”، تمت في ظل مؤشرات تتناقض مع الالتزامات التي تضمنتها صفقة التنازل عن أصول الشركة الوطنية للزجاج سابقا، باعتبار أن عدد العمال تقلّص من مجموع 520 عاملا إلى أقل من 200 عامل حاليا، في ضوء تسريح عشرات المستخدمين عن طريق التسريح الإرادي وعدم تعويض المتقاعدين، فضلا عن عدم تسجيل استثمارات تتناسب مع التعهدات المتفق عليها، والمحددة بأكثر من 14 مليون أورو، فضلا عن برنامج لتكوين المستخدمين بغلاف مالي محدد في العقد ب1.7 مليون أورو. ومن أجل معرفة تفاصيل حول هذه القضية الخطيرة التي أثارت مخاوف عامة العمال المتبقين، تنقلنا، أمس، إلى مقر المجمع الصناعي للزجاج والمواد الكاشطة الواقع في منطقة إيسطو، أين تأكدنا من صحة صفقة البيع التي شرعت مجموعة “سان غوبان” في تنفيذها للتخلص من فرع “فيراليا”، للتفرغ إلى فروعها الأخرى المتعلقة أساسا بالسكن ومواد البناء، فقد أطلعتنا مصادر مطلعة بأن بنود العقد لن تتغير في حال تغير المالك، رافضة التعليق على قيمة الأرباح الخيالية التي ستجنيها مجموعة “سان غوبان”، على ظهر الجزائر في مدة زمنية قصيرة. القضية محبوكة، وحق الشفعة غير ممكن قانونا والمفارقة المدهشة، هو أن مجموعة “سان غوبان” الأم، تكون قد حبكت الأمر بطريقة محكمة للغاية، باعتبار أن حتى حق الشفعة الذي تفطنت إليه السلطات في أعقاب قضية “لافارج”، لا يمكن أن تستعمله السلطات الجزائرية لتوقيف عملية البيع وتحويلها لصالحها، باعتبار أن عقد التنازل عن أصول شركة “ألفير”، مبرم بين المجمع الصناعي للزجاج “إينافا” من جهة، وفرع “سان غوبان فيتري الإيطالي” من جهة أخرى، الذي يعد بدوره فرعا من فروع مجموعة “فيراليا” المستهدفة بالبيع من المتعامل الفرنسي، وبالتالي لا يمكن تعطيل الصفقة. وتوقّع البيان الإعلامي المنشور في موقع المجموعة، إنهاء صفقة بيع “فيراليا” التي تضم في طياتها “ألفير” الجزائرية قبل نهاية السنة، باعتبار أن العملية تقتضي إجراءات تتعلق باستصدار الرخص القانونية من هيئات المنافسة، على غرار اللجنة الأوروبية. بينما أرجع بيار أوندري دوشالوندار، الرئيس المدير العام للمجموعة، قرار بيع فيراليا إلى رغبة المجمع في التركيز على أنشطته الأصلية المتعلقة بالبناء والصناعة المستمرة في النمو، علما بأن المجموعة وصلت سنة 2014 إلى رقم أعمال يعادل 41 مليار أورو، وتوظف 180 ألف مستخدم منتشرين عبر 64 بلدا متواجدة فيه. وتُصدّق هذه التطورات الحاصلة التحذيرات التي كان أعضاء النقابة يطلقونها لمنع صفقة التنازل، فقد طالبوا رئيس الجمهورية بالتدخل لوقف عملية البيع، مؤكدين بأن القيمة الحقيقية لمؤسستهم تتجاوز آنذاك الألف مليار سنتيم، كونها تمتد على مساحة 17 هكتارا في موقع جد إستراتيجي، فضلا عن الاستثمارات التي استفادت منها الشركة ما بين سنة 2002 و2005 بقيمة ثمانية ملايين دولار (80 مليار سنتيم)، والمعدات والآلات الضخمة التي تملكها، على غرار فرنين قيمتهما تعادل 42 مليار سنتيم، ومحطة معالجة الرمال، وثماني آلات تخضع لنظام أوتوماتيكي متطور، ومركز توليد للطاقة، إلى غير ذلك من الآلات والمستودعات ومخزون الإنتاج، مستهجنين إتمام الصفقة دون أي دفتر أعباء، وفي غياب كلي للشريك الاجتماعي، بالإضافة إلى عدم إجراء أي تقييم يسمح بتحديد القيمة الحقيقية لممتلكات المؤسسة موضوع التنازل. يذكر بأن الصفقة تمت رغم الانتقادات الشديدة التي وجّهها رئيس الجمهورية في أحد خطاباته قبيل توقيعها، للنتائج التي عرفها مسار خوصصة المؤسسات الوطنية، ما انتهى آنذاك بإلغاء الخوصصة عن طريق نصوص قانونية، كان آخرها قانون المالية التكميلي لسنة 2010 واستبدالها بآلية الشراكة 49 – 51 بالمائة، فقد تمسكت الأطراف التي أشرفت على العملية بلائحة 2007، رغم أنه لم يكن هناك أي التزام رسمي.