ينطوي مشروع النص المعدل و المتمم للأمر المتضمن قانون الإجراءات الجزائية الذي سيعرض هذا الاسبوع على المجلس الشعبي الوطني على أحكام جديدة ترمي إلى تعزيز احترام مبادئ المحاكمة العادلة وعلى رأسها تكريس الطابع الاستثنائي للحبس المؤقت. وتهدف الأحكام الجديدة المقترحة ضمن مشروع الأمر المعدل و المتمم للأمر رقم 66-155 المؤرخ في 8 يونيو 1966 المتضمن قانون الإجراءات الجزائية --و المتلخصة في 11 محورا-- إلى "إحداث تغييرات أساسية في سير القضاء الجزائي" و تأتي في مقدمتها تكريس الطابع "الاستثنائي" للحبس المؤقت و تقليص مدته و ذلك تعزيزا لقرينة البراءة. وفي هذا الباب, يقترح النص ضبط شروط اللجوء إلى الحبس و تقليص مدده القصوى و حصر مجال تطبيقه في الجرائم المعاقب عنها بالحبس أكثر من ثلاث سنوات. و من شأن ذلك --مثلما تؤكده الوثيقة-- أن يحول دون اللجوء إلى الحبس في الجنح البسيطة و غير العمدية إلا إذا نتجت عنها وفاة. كما تم أيضا في هذه النقطة تعزيز نظام الرقابة القضائية باستحداث نظام المراقبة الإلكترونية كبديل فعال للحبس المؤقت. و من بين المحاور الأخرى التي تضمنها هذا النص "تفعيل دور النيابة العامة و استحداث آليات لتسيير الدعوى العمومية بطريقة أكثر نجاعة" فضلا عن الشق الخاص ب "تعزيز حقوق الشخص المشتبه فيه أثناء التوقيف للنظر" و "حماية الشهود و الخبراء و الضحايا" و "تبسيط إجراءات الطعن بالنقض". و يضاف إلى ما سلف ذكره, محاور أخرى ذات صلة ب "توسيع اختصاص المحاكم الجزائرية للنظر في بعض الجرائم المرتكبة خارج الإقليم الوطني" مع "تأطير الحق في الإعلام خارج التحريات الأولية". و تدعيما للتغيرات التي اقترح المشرع إدراجها في النص, تم سن أحكام إضافية على غرار "إمكانية الاستعانة بوسائل الإعلام لتوجيه نداء للشهود" و "استحداث أحكام جديدة لضمان حسن سير القضاء" و أحكام أخرى خاصة بتنفيذ العقوبات. أما المحور الأخير, فيتعلق بإدراج شرط الشكوى المسبقة لتحريك الدعوى العمومية في المتابعات المتعلقة بأعمال التسيير حيث يعتبر رفع التجريم عن خطأ التسيير من الأهداف التي حددها رئيس الجمهورية للحكومة من أجل تحرير المبادرة سيما في القطاع الاقتصادي العمومي و حماية المسيرين من المتابعات الجزائية التي قد تطالهم بسبب أخطاء لا تنطوي على أي قصد جنائي. و لهذا الغرض, يقدم المشروع مقترحات تضمن أحكاما جديدة تجعل تحريك الدعوى العمومية ضد مسيري المؤسسات العمومية التي تملك الدولة كل رأسمالها أو ذات الرأسمال المختلط مشروطا بشكوى الهيئات الاجتماعية للمؤسسة المنصوص عليها في القانون التجاري و التشريع ساري المفعول. و لأجل تحقيق التوازن بين حماية المسيرين و الحفاظ على المال العام , نص المشروع على عقوبات بالنسبة لأعضاء الهيئات الإجتماعية للشركة الذين لا يبلغون عن الوقائع ذات الطابع الجزائي في مجال التسيير. و يجدر التذكير بأن إعداد هذا النص القانوني يندرج في إطار مخطط عمل الحكومة لتنفيذ برنامج رئيس الجمهورية الرامي إلى تعزيز دولة القانون من خلال تعميق إصلاح العدالة و تدعيم السلطة القضائية و مصداقيتها.