في تطور ينذر بتفتيت أكبر تكتلات المعارضة، دعا سفيان جيلالي، رئيس حزب جيل جديد، حركة مجتمع السلم إلى الانسحاب من هيئة التشاور والمتابعة، باعتبارها "تريد العودة إلى الحكومة". ووجه جيلالي في ذات المقام اتهاما مباشرا لرئيس الهيئة المستقلة لمراقبة الانتخابات، عبد الوهاب دربال، بلعب دور الوسيط بين الأحزاب الإسلامية، في إطار صفقة مع السلطة. فجّر جيلالي سفيان الجدل من جديد حول مستقبل المعارضة على ضوء الانتخابات التشريعية التي قررت أغلب الأحزاب المشاركة فيها. ووجه رئيس حزب جيل جديد سهام النقد تحديدا لحركة مجتمع السلم التي دعاها للانسحاب من هيئة التشاور والمتابعة في تغريدة له على موقع "تويتر". وقال جيلالي في تصريح ل"الخبر" يفسر أسباب هذه الدعوة، إن حمس "بترسيمها قرار العودة إلى الحكومة، تكون قد خرجت من المعارضة إلى دائرة الموالاة، وبالتالي لم يصبح لها مكان ضمن هيئة التشاور والمتابعة، لأن هذا التكتل المعارض هو استمرار لأرضية مازافران التي كان لها مطالب محددة تتعارض تماما مع العودة إلى الحكومة". وفي تصور جيلالي سفيان، فإن هيئة التشاور والمتابعة، جاءت في إطار أرضية مازافران التي تؤكد على تحليل مشترك للوضع يؤكد غياب الرئيس وشغور منصبه، فكيف يمكن اليوم – يتساءل - أن ندخل في حكومة بوتفليقة من جديد، وقد كنا نصفه من قبل بأن منصبه شاغر وبأنه يحمي الفساد". "إذا بقيت حمس في الهيئة فمرحبا بغول وبن يونس!" وانتقد جيلالي بشكل لاذع عبد الرزاق مقري، رئيس حركة مجتمع السلم، مشيرا إلى أنه "أصبح يتبنى خطابا جديدا غير ذلك الذي كنا نسمعه منه في مازافران". وأضاف: "مادام مقري أصبح يقول اليوم حان الوقت لنضع اليد في اليد مع السلطة للخروج من الأزمة، فنحن نقول له ضع يدك في يد بوتفليقة، وإذا نجحت سنصفق لك، أما إذا فشلت، فلا تعد إلى المعارضة من جديد لتقول لنا إنك قد تعرضت للخداع". وحول سبب توجيه الدعوة لحمس وحدها بالانسحاب، دون بقية الأحزاب، كالأرسيدي مثلا، الذي جمعته خلافات أيضا بجيل جديد، قال جيلالي إنه لا يلوم الأحزاب على موقفها من دخول التشريعيات، رغم أنه يخالفهم بشدة في التشخيص، ولكن قرار الدخول إلى الحكومة هو الذي يضرب في الصميم عمل المعارضة التي تكتلت في مازافران. وتابع: "مشكلتنا مع من يطلب العودة إلى الحكومة، ففي هذه الحالة سيصبح جزءا من الموالاة، وإذا استمرت حمس في الهيئة فهذا يعني أننا يمكن أن نستقبل حزب عمار غول وعمارة بن يونس وبلقاسم ساحلي نضمهم إلى الهيئة.. هذا غير معقول". لكن حمس تقول إنها وضعت شروطا للعودة إلى الحكومة ولم توقع صكا على بياض؟ يرد جيلالي سفيان على سؤال "الخبر" قائلا: "هذه حجج لا معنى لها، وكأنه خطاب مساومة، أعطوني من الكوطة كي أشارككم في الحكومة، والحقيقة في كل ذلك أن السلطة تريد جلب حمس إلى الحكومة من أجل تكسير المعارضة، وهذه الحركة قبلت على نفسها الدخول في المعادلة". جيلالي يورط دربال! ويضع رئيس حزب جيل جديد اتهاماته لحمس في سياق أوسع، يتعلق بوجود صفقة بين السلطة والتيار الإسلامي في الجزائر من أجل تسهيل عملية مشاركتهم في الانتخابات والحكومة، في مقابل تخفيض نبرة خطابهم وتطليقهم التزاماتهم مع المعارضة. وأوضح في هذا الصدد قائلا: "الداخلية أصدرت فتوى بدخول الأحزاب الإسلامية التشريعيات دون عناء جمع التوقيعات. والمعروف لدينا أن عبد الوهاب دربال، رئيس الهيئة العليا المستقلة لمراقبة الانتخابات، هو من قام بالتوسط لإقامة الاتحاد من أجل النهضة والعدالة والبناء الذي ينشط فيه حزبه السابق، وهذا يشكل في حد ذاته بداية التزوير، عندما يتدخل رئيس هيئة يفترض أنها مستقلة في هذا الشأن. هذا ما يبين في النهاية وجود صفقة بين السلطة وبين هذه الأحزاب". "لا توجد قوة تمنعنا من النشاط في هيئة التشاور" في مقابل ذلك، نفى عبد الرزاق مقري، رئيس حركة مجتمع السلم، نفيا قاطعا أن يكون حزبه قد قرر العودة إلى الحكومة. وقال "إن ذلك إن تحقق فهو مرتبط بشروط واضحة لا تقبل المساومة، وهي ضرورة أن تكون الانتخابات حرة ونزيهة، وأن يحقق حزبه النجاح فيها، وأن تضمن هذه الحكومة الانتقال الديمقراطي والاقتصادي نحو اقتصاد منتج". وأوضح مقري في تصريح ل"الخبر" أن حزبه "لم يطلب العودة إلى الحكومة ولا توجد جهة يطلب منها ذلك إلا الشعب الجزائري". وأضاف أن "الحكومة التي ندعو إليها توافقية ولا علاقة لها بالكراسي وستكون على أساس البرنامج". وعدّد رئيس حمس مجموعة سيناريوهات لدخول حزبه الحكومة: "إذا حصلنا على الأغلبية، سنعمل على تشكيل حكومة توافقية مع الجميع، وإذا لم نوفق في ذلك فسنتحمل المسؤولية وحدنا. أما إذا لم نحصل على الأغلبية وكانت لنا كتلة قوية داخل البرلمان، فسنتفاوض مع باقي الكتل لتشكيل حكومة توافقية على أساس الشروط التي ذكرتها سابقا". وأشار مقري إلى أنه لا يريد الدخول في حرب كلامية مع أحد، "لأن كل طرف يعرف حجمه وقدرته على التأثير"، وتابع بأن حزبه "مستقل ويطرح أفكاره فوق الطاولة وهو ليس بيدقا لأي جهة"، لكنه اعتبر في المقابل أنه لا توجد أي قوة ستمنع حزبه من النشاط في هيئة التشاور والمتابعة، التي يعتبر من مؤسسيها. واستغرب في الأخير، اتهام حزبه بالانخراط في سياسة الكوطة، بينما كان هو الحزب الأكثر تعرضا للتزوير في معظم الانتخابات التشريعية، وهو يريد من السلطة فقط أن لا تزور عليه، لأن إعطاءه من المقاعد لم يكن يوما واردا لديها ولا يمكن له القبول به حتى وإن حصل".