اهتزت الأسرة التربوية بولاية تيبازة أمس على وقع وفاة التلميذة نورهان بن عبد السلام المقيمة بمدينة مراد جنوبي الولاية، ورفعت عائلة التلميذة استغاثة إلى السلطات العليا "من أجل فتح تحقيق في نوعية اللقاح الذي أودى بحياتها. مأساة الضحية بدأت، حسب رواية والدها ل "الخبر"، صبيحة 6 مارس الماضي، حين تلقت التلميذة نورهان (12 سنة) طلبا من مُدرِّستها بمتوسطة الإخوة بايك في مدينة مراد، بضرورة إحضار الدفتر الصحي والتوجه كما جرت العادة إلى العيادة التابعة للمؤسسة العمومية للصحة الجوارية من أجل الخضوع للتطعيم السنوي، وأخذ اللقاح المضاد للحصبة الألمانية، ليتم حقن فلذة كبده التي عادت أمسية ذلك اليوم إلى منزلها. لم تمر ليلة حقنها بردا وسلاما على عائلة بن عبد السلام، يضيف الوالد، فقد اشتكت طفلته، بعد ساعات من تلقيحها، من حكة جلدية وبروز بقع داكنة باللونين الأحمر والأرجواني على أطرافها. ثم بدأت حالتها الصحية تتعقد بعد يومين من تلقيحها، لتسارع والدتها إلى مستشفى حجوط المجاور حيث خضعت لعملية كشف على مستوى قاعة الاستعجالات، انتهت بتهوين الأطباء من خطورة حالتها وتوجيهها إلى بيتها. ووفقا لرواية الوالد، فإن فلذة كبده دخلت مرحلة الخطر في اليوم الرابع من تطعيمها، فقد بدأت تشتكي من حمى وهلوسات، ليتم نقلها مباشرة نحو مستشفى الطفل والأم بعاصمة الولاية يوم 9 مارس، وتمت معاينتها بذات المؤسسة بشكل سطحي انتهى بإصدار المشرفين على الفحص توصيات احترازية، وأمروا والدها بضرورة توجيهها إلى المستشفى المتخصص في الأمراض المعدية والأوبئة ببوفاريك. في عيادة بوفاريك، أكد الوالد أن ابنته عُرضت على بعض الأطباء فقاموا مجددا بالتقليل من خطورة وضعيتها الصحية ورفضوا الاحتفاظ بها، فأعادها والداها إلى المنزل العائلي. بعدها ارتفعت حرارة نورهان وبدأت تهذي وترتعش بطريقة غير عادية، ليقوم أبوها صبيحة 23 مارس بنقلها نحو مصلحة الاستعجالات الجراحية التابعة للمستشفى المركزي للجيش، وهناك تم إخضاعها لكشف طبي مكثف وتحاليل مصحوبة بأشعة عالية الجودة، لكن التلميذة غابت عن الوعي، وسارع بها الأطباء نحو غرفة الإنعاش، لتمكث هناك في حالة حرجة جدا، قبل أن تفارق الحياة ظهيرة أمس. وفجرت أخبار وفاة التلميذة غضب الشارع المحلي، ودفعت مئات التلاميذ المنتسبين إلى متوسطة الإخوة بايك ببلدية مراد إلى تنظيم وقفة احتجاجية أمام أسوار المؤسسة، فيما فضل المئات نقل غضبهم وتعاطفهم إلى منزل الضحية. ولم يتردد الغاضبون في مطالبة السلطات العمومية المختصة بإيفاد لجنة تحقيق عليا إلى المنطقة، مع كشف نتائج التحاليل التي أجريت على دم الضحية لتحديد السبب المباشر لوفاة التلميذة، وهو مطلب أصر الوالد نبيل بن عبد السلام على نقله إلى رئيس الحكومة عبد المالك سلال. من جهته نفى مدير الصحة والسكان لولاية تيبازة الدكتور عمراني جاسم، في اتصال مع "الخبر"، أن يكون اللقاح سببا في وفاة التلميذة، مشيرا إلى أن مصالحه قامت بتلقيح 7900 تلميذ من اللقاح نفسه، ولم تُسجَّل أية أعراض سلبية عليهم. وأوضح أن الفرق الطبية التي أجرت فحوصا تكميلية للضحية، بعد أيام من الإبلاغ عن حالتها، كشفت أن المشكلات الصحية التي ظهرت عليها كانت ناتجة عن مرض مجهول لحد الآن يكون قد أصاب دماغها. وأضاف أيضا أن نتائج التحاليل التي أفرجت عنها مصالح المستشفى العسكري بعين النعجة لم تؤكد ولم تشِر إلى اللقاح، ولا تزال التحاليل التكميلية جارية لتحديد السبب الطبي للوفاة.