لن تُسلّط عقوبات ضدّ الأئمة الذين رفضوا الاستجابة إلى تعليمة وزير القطاع محمد عيسى، بشأن حث المواطنين على التصويت في الانتخابات التشريعية المقبلة. وتشرع المجالس العلمية بدءا من اليوم، في دراسة تقارير الولايات بخصوص خطبة جمعة أول أمس، لتحديد نسبة الأئمة المُستجيبين والمقاطعين. أفاد مسؤول من وزارة الشؤون الدينية، أمس، ل"الخبر"، أن "تسليط عقوبات على الأئمة الذين رفضوا الاستجابة لتعليمة الوزير أمر غير وارد، بل بالعكس تماما، فمن الصعب جدّا معاقبة أئمة قرروا بأنّ لا يخصصوا خطبة الجمعة للحث على التصويت". وقال المسؤول بأن "الوزارة تنتظر تقارير المديريات الولائية التي تتناول وضعية المساجد التي استجابت إلى دعوة الوزارة، فالأئمة كان مطلوبا منهم توجيه نداء إلى المواطنين لحثّهم وتوعيتهم، فالزاوية التي نظر إليها بعض المتابعين إلى المسألة تختلف عن نظرتنا في الوزارة، فالدعوة ليست استغلال الدين في السياسة، بل الوزارة لها تقدير بأن الانتخابات مصلحة عامة، لذلك نساهم عن طريق المساجد بأن تكون المشاركة فيها مقبولة". بدوره، ذكر رئيس النقابة الوطنية للأئمة، جلول حجيمي ل"الخبر"، بأن "الاستجابة من طرف الأئمة كانت مرتفعة بحوالي 90 بالمائة عن عدد الأئمة المنخرطين في نقابتنا، وهم بالتقريب 20 ألف إمام، وهؤلاء لم ينحرفوا عن خط نقابتنا التي انخرطت في دعوة وزارة لحث المواطنين على التصويت، أما الأئمة الرافضون، فقد كانوا قلّة والشاذ يحفظ ولا يقاس عليه ولم يؤثروا على تبليغ الرسالة". ودافع حجيمي عن "الأئمة الذين حثوا المواطنين على المشاركة في التصويت، فذلك ما تقتضيه المصلحة الشرعية، فاعتمدنا خطابا راقيا في خطب الجمعة، وأي شخص آخر له رأي مخالف لخيار الحث على المشاركة، فمرحبا به لكن بأدب، فنحن نخشى فراغا دستوريا إن كانت نسبة المشاركة 5 بالمائة، لذلك لا المعارضة ولا الموالاة ولا السلطة ولا الحكومة يمكن لها تجاوز المسجد، أما في حال حدث تزوير فالكل يتحمّل مسؤوليته حسب انتمائه ومسؤوليته". ونفى حجيمي أن "أكون قد هاجمت المقاطعين للانتخابات، فهم أحرار وأحترم موقفهم كثيرا، فمصلحة الأمة تتوجّب علينا توجيه الرأي العام والأمّة، ومؤسسة المسجد تخدم لصالح الأمة وتعمل على جمعهم". وفي سؤال بشأن توجيه عقوبات ضد الأئمة "المتمردين"، أجاب حجيمي: "لا أبدا وإذا حدث سأقف بقوة ضد القرار، فلا يعقل أن يعاقب إمام لأنه رفض تطبيق التعليمة، فلكل إمام أعذاره، فربما منهم من يخشى الاعتداء عليه إذا دعا المواطنين إلى التصويت". ألا تعتقد أن دعوة الوزارة هي فعلا استغلال الدين في السياسة؟، سؤال رد عليه حجيمي: "الجامع له سياسته ويدعو الأمة إلى الصالح العام، ولم نسلم المساجد إلى أحزاب المعارضة أو الموالاة أو السلطة، حتى نقول بأنّه استغلال للدين في السياسة، ومساحة الخلاف لا جدال فيها". وتابع قائلا: "المسجد لم يستغل في أغراض دعائية، بل انخرط في حدث وطني هام، كما أن هذه المؤسسة لم تشارك في الحملة الانتخابية، كما أنّنا لم نفرض ولم نجبر إماما واحدا على التقيد بتعليمة الوزارة، كما أنّنا نطالب بحياد المسجد عن السياسة، وستكون لنا جلسة هذه الأيام مع وزير القطاع حول هذه القضية، وكذا الأئمة الذّين رفضوا الاستجابة إلى الدعوة". من جانبه، قال رئيس المجلس الوطني المستقل للأئمة، جمال غول ل"الخبر"، إن "بعض المساجد في العاصمة وقعت فيها بلبلة بسبب خطبة الجمعة حول المشاركة في الانتخابات، وستصلنا كل التقارير لاحقا في المجلس عن وضعية المساجد وتعاملها مع التعليمة". وأوضح غول بأن "تعليمة الوزارة لم تكن ملزمة كغيرها من التعليمات الأخرى، لأنها لم تحدد الانتخابات بعينها، بل تحدثت عن الوطنية والأمن والاستقرار والانتخابات، أما عن الذين لم يستجيبوا للدعوة، فهم ثلاثة أنواع، الأول هناك أئمة لم تصلهم الدعوة، والثاني فضّل خطبة عامة، والثالث تعمّد تجنّبا لإثارة الفتنة والبلبلة داخل المسجد".