رغم الجمود الذي اعترى مسار التسوية، والجرائم التي يرتكبها الكيان الصهيوني يوميا في حق الفلسطينيين وحصاره غزة وحربه المتواصلة، وتخليه عن كافة التزاماته السابقة، نجح هذا الكيان في تحقيق عدة اختراقات في اتجاه تطبيع علاقاته مع العديد من الأطراف الإقليمية في منطقة الخليج بالخصوص. وفي سياق سياستها التطبيعية مع الكيان الصهيوني، استقبلت دول عربية وفوداً صهيونية، في نفس الوقت الذي ارتكبت فيه قوات الاحتلال عدة جرائم في حق الفلسطينيين العزل، وواصلت سياسات الاستيطان وحصار غزة وقمع مسيرات العودة لكسر الحصار عن قطاع غزة، مع استخدام رصاص الاحتلال الحي. ففي وقت استقبلت سلطنة عمان بيامين نتنياهو رفقة زوجته ووفد كبير من بينهم رئيس الموساد وهيئة الأمن القومي ومدير عام الخارجية، وتناول اللقاء سبل دفع عملية السلام في الشرق الأوسط، وصلت إلى الإمارات وزيرة الثقافة والرياضة الصهيونية ميري ريغيف على رأس وفد رياضي إلى أبو ظبي، في زيارة هي الأولى لوزير صهيوني في الخليج، وترأست ريغيف الوفد الرياضي الصهيوني الذي سيشارك ببطولة الجودو العالمية في العاصمة الإماراتية. واعتبرت الأوساط الصهيونية أن “المشاركة في البطولة في الإمارات قرار تاريخي له دلالات بعيدة المدى، وفاتحة لما بعدها”. وكانت الإمارات قد خطت في وقت سابق خطوة جديدة نحو التطبيع الرياضي، حيث أقيمت مباراة في ماي الماضي، بين منتخبها للسيدات مع المنتخب الصهيوني في بطولة أوروبا المفتوحة ل”النت بول” أو كرة الشبكة. وتواصل مسلسل التطبيع في العاصمة القطرية الدوحة، حيث وصل وفد رياضي صهيوني للمشاركة في بطولة العالم للجمباز الإيقاعي، وشارك 8 لاعبين في البطولة، منهم أحد ضباط جيش الاحتلال الصهيوني. ولا تعد هذه الزيارات والمشاركات الأولى من نوعها في المجال الرياضي، فقد سبق ذلك استضافة الدوحة فريقا صهيونيا في بطولة العالم المدرسية لكرة اليد. وأثار استقبال فريق الجمباز الصهيوني ردود فعل غاضبة، مع إطلاق حملة غضب بين القطريين، من خلال هاشتاج باسم “يلا تطبيع”، للتعبير عن غضبهم من رفع علم الكيان الصهيوني في وطنهم، إلا أن هاشتاج آخر خرج للنور، مجددا حيث دشن رواد تويتر هاشتاج “التطبيع القطري الصهيوني” للتعبير عن غضبهم عن التطبيع بين الدوحة وتل أبيب. ولا يقتصر الأمر على ذلك، ففي 23 أكتوبر الجاري أعلن الرئيس دونالد ترامب في عز الأزمة الناتجة عن مقتل الصحفي جمال خاشقجي في قنصلية إسطنبول بأن “السعودية ساعدتنا كثيراً على الصعيد الإسرائيلي”، دون أن يُدلي بمزيدٍ من التفاصيل، ومن ثم يتضح أن مسار التطبيع في المنطقة يتسع موازاة مع الكشف عن فصول ما عرف ب “صفقة القرن” أيضا دون أن يكون للكيان الصهيوني أي تنازلات، بل مكاسب إستراتيجية.