قررت السلطات العمومية استعادة فندقين هامين هما الهضاب بسطيف والرياض سيدي فرج في سياق إعادة الاعتبار لحظيرة فندقية تمت خوصصتها في فترة سابقة، لكن النتائج التي أفضت إليها لم تكن بمستوى التطلعات، سواء من حيث مستوى التسيير والتنظيم أو التكوين والتأهيل وحتى الاستثمار، حيث عهدت هذه الفنادق لمؤسسات أو خواص لم يستوفوا الشروط والالتزامات المنتظرة في تقديم الأفضل والأحسن، في وقت أضحت هذه الفنادق تواجه شبح العجز المالي أيضا. ويعد الفندقان اللذان تقرر استعادتهما من قبل الدولة بعد التنازل عنهما في إطار الخوصصة ضمن مجموعة من الفنادق التي يقارب عددها العشرة فنادق، منها السلام بسكيكدة ولوريون بعنابة والفندق الكبير بوهران، وجل الفنادق واجهت مشاكل متعددة. ووفقا لرؤية الخبراء في مجال الفندقة والسياحة، فإن تجربة الخوصصة في مجال الفنادق لم تعرف نجاحا معتبرا، بل إن عددا من الفنادق التي تم التناول عنها أضحت تعاني من العجز المالي، كما افتقدت لمقومات النجاح سواء من حيث نوعية ومستوى الخدمات والاحترافية والاستثمار، فضلا عن التسيير، حيث يشدد الخبراء على أن أحد المشاكل التي تواجهها منظومة الفنادق هي التسيير والتأهيل والتكوين المحترف. ولاحظ الخبراء أن الفندقين اللذين تم استرجاعهما مثلا كانا يعانيان من عجز مالي ونقائص في مجال التسيير، حتى الفندق الكبير الذي تم استرجاعه من قبل مجمع فندقة وسياحة وحمامات معدنية، وهو الفندق العريق الذي يتجاوز عمره القرن، لم يعرف تطورا ملحوظا خلال السنوات الماضية في مجال الاستثمار والخدمات المصاحبة، فضلا عن عدم تسجيل مستويات مردودية وربحية، وهي الوضعية التي دفعت السلطات العمومية إلى السعي لاسترجاع الحظيرة الفندقية لضمان إعادة الاعتبار لها بفضل ضخ استثمارات وموارد بشرية. لكن الجانب الأهم لا يكمن فقط في مجال الاستثمار والتأهيل وإعادة الاعتبار لهذه المنشآت الهامة، بل في ضمان تفعيل وتدارك النقائص ونقاط الضعف على رأسها مجال التسيير، حيث لا يستبعد أن يتم الاستلهام من تجارب دولية، منها التركية الناجحة، في إسناد التسيير لعلامات دولية ولمحترفين ضمانا لاحترافية هذا المجال. ولا يستبعد على ضوء ذلك أن يتم اللجوء لضمان تأطير المنظومة الفندقية المسترجعة إلى الخبرة المؤهلة للانتقال إلى مرحلة أكثر فعالية في مجال التسيير الفندقي والسياحي. ويلاحظ الخبراء في المجال الفندقي والسياحي أن الحاجة أضحت ملحة لمراجعة السياسات المنتهجة في مجال تطوير الفندقة والسياحة، وأن الضرورة تقتضي أن يقوم الشركاء الأجانب بالاستثمار الفعلي وألا يتجهوا إلى تسلم منشآت جاهزة، كما تقتضي الضرورة مراجعة سياسات الخوصصة التي لم تحقق نجاحا على أرض الواقع، فالمستثمر ليس بالضرورة مسيرا ناجحا والتسيير يناط لأهل الخبرة والاختصاص، لذلك فإن عمليات الخوصصة لم تنجح لأن الوضع يحتم إرساء قواعد مهنية ومحترفة ومن ثم جاءت قرارات استرجاع الفنادق التي ستستفيد من عمليات إعادة تأهيل وعصرنة تعيد لها بريقها وتدرج في منظومة فندقية متكاملة مع تطوير الجوانب المتصلة بالتسيير والخدمات. ولاحظ خبراء في المجال الفندقي أنه بينما لم تسجل العديد من الفنادق مستوى ربحية ومردودية، فإن مؤسسات فندقية عمومية كانت مربحة على غرار مؤسسة التسيير الفندقي وسط وبسكرة والأوراسي.