التزوير الانتخابي في الجزائر لم يعد معرة أخلاقية، بل ولم يعد حتى جريمة قانونية يعاقب عليها القانون، وإنما أصبح الأمر سياسة رشيدة من السلطة وتصرفا سياسيا حكيما تفتخر السلطة بإنجازه وتعمل على تصديره لبقية الدول ك”ماركة” سياسية جزائرية ناجحة تؤدي إلى التحكم في الوضع السياسي والأمني في البلاد. مشروع صناعة التزوير الانتخابي في الجزائر بدأ بتزوير أصوات المواطنين في الصناديق عن طريق التصويت في مكانهم أحيانا، واستبدال أصواتهم بأصوات أخرى، أحيانا أخرى... ثم تطور الأمر إلى تزوير المصوتين أنفسهم عن طريق تزوير قوائم الناخبين... فظهرت حكاية تصويت الأموات... وتبعتها حكاية تضخيم قوائم الناخبين في القائمة الانتخابية... وأصبحت السلطة تحتفظ بملايين المصوتين في القائمة الانتخابية لصالحها، بل وتوزع ذلك على المرشحين من الأحزاب التي تساير السلطة فيما تفعل... وتحول التزوير من تصرف يعاقب عليه القانون إلى ممارسة وطنية تقتضيها المصلحة الوطنية العليا... وأصبح من يندد بالتزوير كنوع من أنواع الفساد السياسي هو عدو المصلحة الوطنية العليا ويهدد الأمن القومي! فأصبحنا نعيش حالة تزوير التزوير لصالح الوطن. ثم تطور الأمر في السنوات الأخيرة إلى تزوير المرشحين أنفسهم، فأصبحت السلطة تزور الأحزاب وتزور المرشحين، فأنشأت السلطة أحزابا سياسية لا وجود لها سياسيا إلا في سجلات وزارة الداخلية... وهذه الأحزاب هي التي تقوم بترشيح الناس لمصالح الأمن التي تقوم بإقرار من يترشح باسم هذه الأحزاب، فأصبح القرار الأمني يتقدم القرار السياسي. وخطت السلطة خطوة أخرى في الرئاسيات، فأصبحت تعين من تريده في المجلس الدستوري وهو الذي يسمح أو لا يسمح لمن يترشح للرئاسيات خارج القانون والدستور... فأصبح الرئيس المرشح المعين من طرف السلطة هو الذي يعين من ينافسه في الرئاسيات، وبتعبير آخر، يعين من يقبل أن يكون مرشحا أرنبا يقبل الهزيمة قبل حتى بدء الانتخابات... وبهذه الصفة تحولت الانتخابات في الجزائر إلى مهزلة فاقدة لكل معنى.