يتوقع أبرز تجار الجملة لسوق السمار بالعاصمة، أن تواصل أسعار منظومة المواد الاستهلاكية ارتفاعها خلال الأشهر المقبلة سواء تعلق الأمر بالزيت والبن والسكر أو العجائن والبقوليات الجافة، في أعقاب ما وصفوه بتواصل تآكل عملة الدينار وارتفاع تكاليف نقل السلع والبضائع في وقت تحول خطاب الحفاظ على القدرة الشرائية إلى ذر الرماد في العيون. وقدم "ل. م"، صاحب متجر، مثالا على أسعار الزيت التي لم تتخلف عن الالتحاق بركب منظومة المواد التي سجلت ارتفاعا في الأسعار على مدى الثلاثة أشهر الماضية، وقال "إن صفيحة من خمسة لتر كان سعرها لا يتجاوز 640 دينار، لكن سعرها قفز إلى 740 دج، أي بزيادة قدرها 100 دج..".
السبب هو انهيار الدينار
وأضاف "بصفتي تاجر يتابع كل المستجدات التي تطرأ على السوق الوطني والدولي، أتوقع أن تقفز أسعار الزيت خلال الأشهر المقبلة إلى 800 دج لصفيحة من 5 لتر.. طبعا إذا استمر تآكل وانهيار عملة الدينار أمام باقي العملات الأخرى..". ويعني ذلك، أن البسطاء من المواطنين سيتحملون عبء هذه الزيادات التي ستؤثر بدورها في تآكل قدرتهم الشرائية من جانب أن سعر اللتر الواحد من هذه المادة الذي يقدر ب140 دج لدى غالبية متاجر التجزئة قد يصل إلى 150ج.
تفسير المضاربة لم يعد
واللافت في أقوال أبرز تجار سوق السمار أن الزيادات المتوقعة غير مقتصرة على مادة الزيت لوحدها، بل يشير "ب. ن" إلى أن "كل المواد المصنعة محليا سترتفع أسعارها مثل العجائن لأن المواد المستعملة في تصنيعها المستوردة من الخارج قد ارتفعت أسعارها.."، قبل أن يضيف "السلطات الوصية مطالبة بالتحرك لسن سياسة لوقف انهيار الدينار وكذا ضبط سياسة اجتماعية حقيقية للحفاظ على القدرة الشرائية للناس، لأن تفسير ارتفاع الأسعار بالمضاربة لم يعد يقنع أحدا بالنظر إلى العوامل الموضوعية المتحكمة في السوق..". والحاصل أن كافة أنواع العجائن عرفت زيادات في الأسعار منذ نحو ثلاثة أشهر في عز العزل الصحي الهادف لوقف انتشار وباء كورونا، لترتفع بذلك كافة أنواع الطعام والمعكرونة والسباغيتي ولواحقها، لكن من غير أن تلتفت السلطات الوصية من حولها وتعيد الأمور إلى نصابها. كما يرتقب أن تلتحق منظومة البن والسكر بركب المواد المرشحة للزيادة في الأسعار، يقول "ع. ب" أحد باعة البن "في ظل الوضع الراهن، أرتقب أن ترتفع أسعار البن والسكر وحتى أسعار البقوليات الجافة مثل العدس والحمص خلال الأشهر المقبلة، على اعتبار أن أسعارها ارتفعت في السوق الدولية، فضلا عن ارتفاع تكاليف نقلها..". وأضاف "الطن الواحد من البن كان يتراوح ما بين 2000 و1700 دولار، واستقر حاليا في 1400 دولار، إلا أن السعر مرشح للارتفاع، على اعتبار أن تكاليف نقل البواخر لهذه السلعة ارتفعت.."
البيع والشراء.. شبه متوقفين
وفيما يرى تجار أن خطاب حماية القدرة الشرائية للناس بات موجها لدر الرماد في العيون بدل سن سياسة اجتماعية فعالة وواضحة، تسكن آخرين مخاوف، ممن أصبحوا يتحفظون على مواصلة استيراد السلع في ظل تراجع عملية البيع والشراء، بعد أن باتت عملية الإقبال على اقتناء السلع شبه متوقفة، ويقولون "إن عملية التسوق مقتصرة على اقتناء ما هو أساسي وليس الكميات على نحو ما كان معتادا..". ومع ذلك تسود حالة ترقب لما ستسفر عنه عملية التلقيح ضد فيروس كورونا، لعل الأشهر المقبلة ستكون موعدا للصلح بين ما هو اقتصادي واجتماعي.