المتتبع في الآونة الأخيرة لمسلسل اللاعب الفرانكو-جزائري «نبيل فقير» مهاجم ليون الفرنسي، والذي كان مملاً في نظر الجماهير الجزائرية التي تابعت هذا الموضوع منذ بدايته ولعدة أشهر، بعدما تباطأ الشاب في الرد على عرض «الفاف» من أجل حمل القميص الوطني في قادم المواعيد، قبل أن يختار بعد ذلك تمثيل فرنسا دولياً، يتأكد للمرة الألف أنه أصبح من الضروري جداً على الاتحادية الجزائرية لكرة القدم أن تغيّر إستراتجيتها تجاه اللاعبين الجزائريين المغتربين من الآن فصاعداً، فعوض أن يكون اللعب للجزائر بالنسبة لهؤلاء بمثابة فخر واعتزاز بتمثيل بلد الأجداد، أصبحنا الآن نمرغ أنوفنا في التراب ونجري وراءهم من أجل أن يقبلوا المشاركة مع «الخضر»، مثلما حدث منذ أسابيع مع فقير. روراوة أخطأ عندما رفض جلب مزدوجي الجنسية للمنتخبات الشابة رغم أننا لسنا هنا بصدد إعطاء دروس للاتحادية الجزائرية ونلقن الطريقة المثلى التي لابد أن تنتهجها في عملها، إلا أنه وفي رأينا المتواضع قد ارتكبت خطأ جسيماً برفضها في كل مرة الاستنجاد بالعناصر المغتربة التي تلعب في بعض النوادي الأوروبية، والتي لديها مستوى محترم لتدعيم المنتخبات الوطنية في الفئات الشابة، على اعتبار أن غرس حب الوطن في نفوس هؤلاء اللاعبين يتطلب تعزيز قيم الانتماء لديهم منذ الصغر، وما لا يعلمه الكثيرون هو أن عيسى ماندي، فوزي غلام وسفير تايدر قد تم اقتراحهم عام 2009 على مدربي الخضر للأشبال والأواسط دون أن يتم توجيه الدعوة لهم، لتضطر «الفاف» بعدها لتلهث وراءهم وإغراءهم من أجل حمل الألوان الوطنية بعدما أصبحوا لاعبين معروفين. التجربة المغربية أثبتت نجاحها وعلى «الفاف» اتباع سياسة مماثلة بعدما أثبتت السياسة التي اعتمدتها «الفاف» في التنقيب عن المواهب الشابة في الخارج فشلها الذريع، فقد بات من الضروري الآن على الاتحادية التفكير في تجربة جديدة من أجل اختيار أحسن العناصر المغتربة وضمها للخضر، حيث سيكون عليها الاختيار من بين عديد التجارب الناجحة في هذا المجال، وعلى رأسها التجربة المغربية التي تعتبر الأنجع على الإطلاق، بعد أن عيّنت الجامعة الملكية المغربية المدير الفني الهولندي «بيم فيربيك» الذي خصص مجمل عمله في التنقيب عن المواهب الشابة في أوروبا، وعرف بعدها كيف يقنعهم بترك منتخبات فرنسا وبلجيكا وهولندا مقابل حمل قميص منتخب «أسود الأطلس»، وهو ما ظهر جلياً مؤخراً حين تمكنت المغرب من ضم العديد من المواهب الكروية الشابة. الجانب الفرنسي يغري مزدوجي الجنسية لاختيار منتخب الديكة كما أن استدعاءهم إلى المنتخب الوطني الجزائري في سن يافعة لا يجعل من الموضوع قضية رأي عام في الصحافة الفرنسية، التي غالبا ما تنصب نفسها طرفا مباشراً في مثل هذه القضايا، وتحاول إعطاءها أبعادا سياسية وتاريخية أخرى للتأثير على مستقبل هؤلاء اللاعبين مثلما حدث في الأسابيع الأخيرة مع النجم الصاعد لنادي ليون «فقير»، فهي تصور لهم مستقبلا مشرقا مع منتخب «الديكة»، في حال ما إذا وافقوا على تقمص اللون «الأزرق» عوض منتخبات بلدانهم الأصلية، متناسية مصير عدد من أمثالهم في صورة الفرانكو-جزائري «كمال مريم» والتونسي الأصل «صبري لموشي» وآخرون استدعاهم مدرب المنتخب الفرنسي الأول فقط من أجل حرمانهم من اللعب مع منتخبات بلدانهم الأصلية. روراوة قد يستغل قانون «الباهاماس» لضم لاعبين للفئات الصغرى ورغم خسارة «الفاف» صارعها مع الاتحادية الفرنسية للعبة من أجل ضم «فقير»، إلا أنها من دون شك لن تبقى مكتوفة الأيدي وستواصل سياستها التي وضعتها من قبل، والقائمة على ضرورة الاستفادة من المواهب الجزائرية في الخارج في سن مبكرة، حتى تستفيد منها مختلف المنتخبات الوطنية ولأطول فترة ممكنة، ولا يجب أن يقتصر الأمر على المنتخب الأول فقط، بل على المسؤولين عن الكرة الجزائرية استغلال النتائج الطيبة التي حققتها مختلف المنتخبات الوطنية السنية، على غرار المنتخب العسكري الفائز ببطولة العالم والمنتخب الوطني الذي تأهل للمونديال لدورتين متتاليتين 2010 و2014، لاستقدام هؤلاء اللاعبين وإقناعهم بأهمية تواجدهم في هذه المنتخبات حتى يكونوا مستقبل الكرة الجزائرية. شورمان قد يستدعي عدة عناصر محترفة في المستقبل وفي هذا الصدد، قد يوجّه السويسري «بيار أندري شورمان» مدرب المنتخب الوطني الأولمبي الدعوة إلى بعض العناصر المحترفة في التربصات المقبلة تحضيرا لتصفيات أولمبياد ريو دي جانيرو عام 2016 وتقوم هذه الإستراتيجية على استدعاء مثل هؤلاء اللاعبين إلى منتخب أقل من 23 عاماً كخطوة أولى، قبل انضمامهم بطريقة سلسة وآلية إلى المنتخب الأول دون ضجة إعلامية، وتسمح هذه الخطة الذكية بتسهيل إقناع اللاعبين المعنيين بالدفاع عن ألوان الخضر، ذلك أن أعمارهم وحتى المستوى الفني الذي بلغوه يساعد على الإقناع، في حين أن العملية ستكون صعبة جدا، عندما يشتهرون وتصبح أخبارهم مادة دسمة للإعلام الجزائري والفرنسي مما يؤثر على مستقبلهم وعلى قراراتهم مثلما حدث مع فقير. الفاف تضع عدة أسماء في مفكرتها بغية ضمها لمنتخب أقل من 23 عاماً وهناك لائحة موسعة تضم عددا هاما من اللاعبين من ذوي الأصول الجزائرية، ينشطون في عدد من الأندية الأوروبية ستتم معاينتهم من قبل لجان فنية خاصة شكلها الاتحاد، قبل الاتصال بهم لعرض فكرة اللعب للجزائر على غرار: محمد فارس (هيلاس فيرونا الإيطالي)، رشيد آيت عثمان (سبورتينغ خيخون الإسباني)، فارس بهلولي وياسين بن زية (ليون الفرنسي)، إلياس حساني وماكسيم سبانو، تولوز الفرنسي)، عادل ڤفايتي (نورويتش الإنجليزي)، جوهاد فريتي (ميلان الإيطالي)، نسيم زيتوني (فيتوريا غيماريش البرتغالي)، فريد عبد الرحمن، هيرتا برلين الألماني)، يانيس رحماني (أتلتيك بيلباو الإسباني)، بلال عمراني وبلال بوطبة (مرسيليا الفرنسي)، سعيد بن رحمة (نيس الفرنسي)، إلياس حوري (باستيا).