تطرح الحملة الشرسة التي أثيرت ضد شركة الخطوط الجوية الجزائرية ومسؤولها الأول، إثر الحوادث التي أصابت هذه الأخيرة مؤخرا، العديد من التساؤلات حول طبيعة من يقف وراء هذه الحملة العدائية التي تتجدد من حين لآخر، وتبدو أنها مدبَّرة لتكسير شركة جزائرية عريقة وداعمة للسيادة الوطنية، وأن أهدافها لا تنحصر في الإساءة إلى مسؤولها الأول فقط؛ على اعتبار أن سابقيه أيضا لم يسلموا من مثل هذه الحملات.. فهذه الشركة الوطنية العملاقة التي صمدت أمام كل المكائد التي سعت إلى تضييق الخناق عليها عندما كانت الأجواء الجزائرية محاصَرة، ثم عندما واجهت منافسة غير شريفة من قبل شركات خاصة، بُنيت على أساس امتزجت تركيبته بين الطمع والتحايل، ثم بعدها هوت كما يهوي قصر الورق، لازالت محل اهتمام الحاقدين والطامعين في انكسارها، لأهداف غير معلَنة، غير أنها تبدو أهدافا سياسية أكثر منها تجارية أو اقتصادية. صحيح أن الإسراع إلى فضح أخطاء الشركة والنقائص التي تعانيها، يرمي بالدرجة الأولى، إلى التقليل من سمعتها ويجلب لها الضرر التجاري لحساب منافسيها، ولا سيما في ظل الصعوبات الاقتصادية التي تواجهها الشركات الدولية للطيران المدني، والتي انتهى مصير الكثير منها مع الأزمة العالمية الأخيرة، إلى الحل أو الدمج مع شركات أخرى، غير أن استغلال ظروف أليمة مترتبة عن كارثة جوية تصيب أية شركة من الشركات العالمية لإثارة القلاقل وإطلاق حملة جديدة لتكسير الشركة، يوحي بأن الأمر الذي لم توقف دواعيه الاعتبارات الإنسانية، تجاوز الأهداف التجارية، واتخذ بعدا سياسيا بالفعل، الغاية منه القضاء على مؤسسة وطنية تُعتبر رمزا من رموز السيادة والاعتزاز بالوطنية. فبعض الجهات التي تقود حملة تكسير الجوية الجزائرية على شبكات التواصل الاجتماعي وتسمي نفسها "معارضة سياسية"، لم تتوان في تبرير ما تقوم به؛ مما تعتبره "فضحا لإطارات الشركة الجزائرية"؛ بكون الرئيس المدير العام للخطوط الجوية الجزائرية محمد الصالح بولطيف، عُيّن بمرسوم رئاسي، وبالتالي "فهو تابع للنظام"، على حد قولها، ولو سلّمنا بمنطق هؤلاء فإن كل المؤسسات الوطنية العمومية وجب التهجم عليها؛ لأن مسؤوليها يتم تعيينهم بمرسوم رئاسي! من جهتها، تعتبر مصادر من داخل الشركة الجزائرية، أن الضربات والحملات العدائية التي تتعرض لها شركتهم، تأتي في كل مرة من الداخل قبل الخارج، مشيرة إلى وجود صراع مصالح داخل مديريات المؤسسة وهياكلها وكذا نقاباتها، يؤجّج الحملات المغرضة، التي عادة ما تكون مدبَّرة.. وتعتبر نفس المصادر التي لم تُخف أسفها لكون هذه الحملات العدائية المتكررة تأتي في وقت تعرف الشركة منحى تطويريا لم تشهده من قبل بفضل البرنامج التنموي المتواصل والمتميز بمخطط تجديد الأسطول وتحسين الخدمات، أن خلاص الجوية الجزائرية من المشاكل ورقيّها وعلو سمعتها، لا يخرج عن إطار إرادة أبناء الشركة؛ من عمال وإطارات لحمايتها والدفاع عنها، ولا سيما من خلال التفاني في العمل والانخراط بشكل تام في البرامج التنموية، الرامية إلى تحسين نوعية الخدمات المقدَّمة. ولعل إدراك عمال الشركة وعمالها لهذا الواجب الذي كان المسؤول الأول عن الشركة محمد الصالح بولطيف قد دعا إليه مؤخرا، هو الذي دفع بنقابة العمال التابعة للمركزية النقابية إلى الخروج عن صمتها، واتهام إطارات في الشركة بمحاولة زعزعة استقرارها "لأغراض شخصية وضيّقة"، منددة بالحملة الإعلامية التي تشكك في أمن وسلامة طائرات الشركة. واعتبرت النقابة المعنية التي تمثل طياري الشركة، هذه التهجمات "ظالمة غير مبررة"، مضيفة أن "هذه السلسلة من الأكاذيب والتصريحات المغرضة التي ترمي إلى المساس بسمعة الشركة، نابعة من أوساط معروفة، وقد تم تحديدها". ويجدر التذكير بأن الحملة العدائية التي تستهدف الجوية الجزائرية ومديرها العام، استغلت بعض الحوادث التي أصابت طائرات الشركة في الفترة الأخيرة، ومنها حادث سقوط الطائرة المستأجرة من الشركة الإسبانية "سويفت إير" شمال مالي، وحادث انحراف إحدى طائرات الشركة بمطار ليل الفرنسية، لتضخيم مشاكل الشركة وفتح الباب أمام الإشاعات التي طالت المؤسسة ومسيّريها.