تؤكد النتائج المحققة هذه السنة في مختلف الامتحانات الوطنية خاصة شهادة البكالوريا الخطوة الهامة التي قطعتها الجزائر منذ أن تقرر إصلاح قطاع التربية سنة2001، ضمن الإصلاحات الشاملة التي بادر بها رئيس الجمهورية أبعدت عن المدرسة الجزائرية صفة المدرسة المنكوبة التي كانت توصف بها لسنوات. ولعل المخاوف التي أبداها المسئولون عن القطاع في بداية تطبيق الإصلاحات كانت لها مبرراتها آنذاك بالنظر إلى الوضعية الصعبة التي كانت تمر بها المدرسة الجزائرية قبل سنة1999بسبب النسبة العالية من التسرب المدرسي وقلة التكوين وقِدم البرامج والمناهج المعتمدة، وهي الوضعية التي تم تشخيصها بالتدقيق من قبل لجنة إصلاح المنظومة التربوية التي عرضت تقريرها على رئيس الجمهورية في2001 حيث دعا السيد بوتفليقة أعضاء اللجنة إلى تحليل التحديات الجديدة التي تقع على عاتق المنظومة التربوية ورفع التحدي العلمي والتكنولوجي، التحدي الثقافي، الاقتصادي والاجتماعي من خلال الميزانية العالية التي تخصص للقطاع والتي تأتي في المرتبة الثانية بعد ميزانية الدفاع الوطني. وقد ظهرت العديد من الأصوات المنتقدة والرافضة للإصلاحات في بداية مشوارها خاصة بعد أن ألغت وزارة التربية العمل بنظام الإنقاذ في2002 في شهادة البكالوريا في إطار الحصول على نتائج ذات نوعية والرفع من مستوى الطلبة ودفعهم إلى بذل مجهودات أكثر للحصول على هذه الشهادة والانتقال إلى الجامعة، واعترف المسؤول على القطاع بصعوبة المهمة الملقاة على عاتقه وهو يرد على المنتقدين لسياسة قطاعه منذ انتهاج سياسة الإصلاح، وقال أنه لا أحد يستطيع أن يتحكم بمفرده في قطاع سيضم أكثر من 8 ملايين تلميذ مهما بلغت درجة عبقريته. مؤكدا أن المهمة تقتضي تظافر جهود كل المعنيين ابتداء من الوزير إلى آخر مسؤول بالمدرسة. وبناء على ذلك تبنت وزارة التربية الوطنية جملة من الإصلاحات شملت المناهج التربوية وطرق التدريس القديمة والحديثة وتطبيق المناهج الجديدة المبنية على أساس الكفاءات ابتداء من التعليم الأساسي سابقا والتعليم الابتدائي حاليا إلى التعليم الثانوي حيث قطعت اللجان التربوية المتخصصة في هذا الإصلاح شوطا كبيرا بمناهج جديدة مبنية على مقاربة التدريس بالكفاءات ليتم الانتقال من هيكلة القطاع إلى مرحلة التسيير النوعي التي لا تزال حسب بن بوزيد ناقصة، فضلا عن توفير الشروط المادية والبيداغوجية الأكثر ملائمة للتكفل بعدد التلاميذ الذي سيتجاوز 8ملايين تلميذ بتعميم المدرسة التحضيرية واستقبال السنة الأولى ثانوي لدفعتين من الناجحين في شهادة التعليم الابتدائي ليفوق عدد تلاميذ الاكمالي ولأول مرة تلاميذ الابتدائي. إجبارية التحضيري ابتداءمن 2011 ويعد التعليم التحضيري الذي سيصبح إجباريا بداية من الدخول المدرسي2011 جزءا من الإصلاحات التربوية حيث ستستقبل الأقسام التحضيرية بداية من الدخول المدرسي المقبل نسبة70 بالمائة من التلاميذ الذين تبلغ أعمارهم خمس سنوات حيث يخصص لهذه المرحلة 60 مليار سنتيم لتوفير المرافق والهياكل الضرورية وذلك بناء على توصيات لجنة إصلاح القطاع التي أوصت بالتعميم التدريجي للتربية التحضيرية. وقد اتخذت الوصاية سلسلة من الإجراءات في إطار تحسين تأهيل المعلمين، التأطير وإعادة التنظيم العام للمنظومة التربوية وهي عبارة عن محاور تتضمن في مجملها رفع مستوى تعليم وتكوين المعلمين في كافة الأطوار ومراعاة اختصاصاتهم بالإضافة إلى إنجاز جيل جديد من الكتب المدرسية وفق النوعية التي تحددها المقاييس العلمية والبيداغوجية المعترف بها عالميا وتوزيع الكتاب مجانيا على تلاميذ السنة الأولى ابتدائي حيث خصص لهذا الغرض 650 مليار سنتيم، إضافة إلى تدريس اللغات في سن مبكرة وتنويع الشعب وتفتح المدرسة على المجتمع. وسعت سياسة الاصلاح ابتداء من سنة 2000 الى العناية الكاملة بالمربي من عدة جوانب منها الجانب العلمي والمعرفي وذلك بفتح المجال أمام الإطارات الجامعية لخوض مجال التعليم وعدم القبول إلا بذوي المستوى الجامعي للتكفل بالمتمدرسين ورفع مستواهم. 127 ألف منصب جديد لأساتذة أكفاء خصصت الحكومة مناصب مالية للقطاع لاستقدام أساتذة أكفاء منهم حوالي127 ألف منصب جديد بداية من الدخول المدرسي المقبل في إطار تغطية الاحتياجات التي يعرفها القطاع منذ سنوات والتي لم تساير الإصلاحات المطبقة، ولأول مرة حظي اختصاص التفتيش ب900 منصب لتدعيم تأطير المؤسسات التربوية في إطار الإصلاحات المطبقة. وبرزت حاجة القطاع لهذه المناصب من خلال إلحاح وزير التربية منذ سنوات على الحكومة بضرورة تدعيم هذا القطاع صاحب ثاني ميزانية بعد الدفاع الوطني بمناصب مالية أوفر تلبية للحاجيات التي فرضتها الإصلاحات المطبقة منذ ثماني سنوات والتي تستوجب توفير الإطار البشري الملائم لضمان تأطير يكون في مستوى الأهداف المسطرة. وكان من المنطقي أن يلجأ القطاع في ظل حاجته لآلاف المناصب المالية إلى الاستعانة بطريقة التعاقد مع الأساتذة والمعلمين الذين أعطتهم الوزارة حق الاستفادة من نقاط في مسابقة التوظيف الأخيرة مقابل التجربة التي اكتسبوها في حقل التعليم. وبالنظر للدور الذي ينتظر سلك التفتيش في إطار الإصلاحات المطبقة فقد حظي باهتمام أكبرخاصة بعد التأكد من أن التسيب واللامبالاة التي سجلت في عدد من الولايات سببها قلة التفتيش والمراقبة بينما لم يعد أي عائق الآن للقيام بهذه المهمة وتجسيد التوصيات في الواقع خاصة أن المسؤول الأول على القطاع شدد أمام مديري التربية في اجتماع عقده مؤخرا على أن الدخول المقبل سيكون عام التسيير الذي لايزال عائقا . وجاءت النتائج المحققة في السنوات الأخيرة وارتفاع نسب النجاح في الامتحانات الرسمية لتؤكد أهمية الإصلاحات خاصة شهادة البكالوريا التي سجلت تحسن النتائج كميا ونوعيا وذلك بفضل الإمكانيات التي تم تسخيرها وخاصة إشراك أولياء التلاميذ في متابعة البرامج البيداغوجية للتلاميذ وهو الإجراء الذي تقرر ابتداء من الموسم الدراسي الفارط. وفي إطار مواجهة التحدي العلمي والتكنولوجي لم تبق المدرسة الجزائرية بعيدة عن استعمال الإعلام الآلي والانترنت رغم النقائص التي لا تزال تعتري هذا الجانب. وجاء القانون التوجيهي للتربية الذي عدل امرية 76 لينظم القطاع أكثر حيث أصبح الالتحاق بالمدرسة أمرا إجباريا لكل من بلغ السن القانونية ويعاقب الأولياء الذين يحرمون أبناءهم من التعليم، وتم في هذا المجال تخفيف البرامج خاصة في الابتدائي لضمان النجاح.